خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر أَو قَالَ يصلى بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

فَهَذَا فِيهِ نفي السماع لَو لم يرو رلا هَذَا اللَّفْظ لم يجز تَأْوِيله بِأَنَّهُ لم يكن يسمع مَعَ جهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لوجوه

أَحدهَا أَنه إِنَّمَا رُوِيَ هَذَا ليبين للنَّاس مَا كَانَ يَفْعَله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ لَا غَرَض لَهُم فِي معرفَة كَون أنس رَضِي الله عَنهُ سمع أَو لم يسمع إِلَّا ليستدلوا بِعَدَمِ سَمَاعه على عدم المسموع فَلَو لم يدل مَا كَانَ أنس رَضِي الله عَنهُ يرْوى شَيْئا لَا فاذدة فِيهِ وَلَا كَانُوا يروون هَذَا الَّذِي لَا يفيدهم

الثَّانِي أَن مثل هَذَا اللَّفْظ فِي الْعرف صَار دَالا على عدم مالم يدْرك فَإِذا قيل مَا سمعنَا وَلَا أدركنا وَلَا رَأينَا لما شَأْنه أَن يسمع أَو يدْرك أَو يرى وَالْمَقْصُود نفي وجوده ذكره وَنفي الْإِدْرَاك عَليّ نَفْيه عينه

الْوَجْه الثَّالِث وَهُوَ أَن أنسا رَضِي الله عَنهُ كَانَ يخْدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حِين قدم الْمَدِينَة إِلَيّ أَن مَاتَ وَكَانَ يدْخل على نِسَائِهِ قبل الْحجاب ويصحبه حضرا وسفرا وَحين حجَّته كَانَ تَحت نَاقَته يسيل عَلَيْهِ لُعَابهَا أتمكن مَعَ هَذَا الْقرب الْخَاص والصحبة الطَّوِيلَة أَن لَا يسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْهر بهَا مَعَ كَونه كَانَ يجْهر هَذَا مِمَّا يعلم بِالضَّرُورَةِ بُطْلَانه عَادَة ثمَّ إِنَّه صحب زبا بكر وَعمر وَعُثْمَان وَلم يسمع من وَاحِد مِنْهُم مَعَ أَنهم كَانُوا يجهرون هَذَا لَا يُمكن بل هُوَ تَحْرِيف لاتأويل لَو لم يرد هَذَا اللَّفْظ

كَيفَ وَالْآخر صَرِيح فِي نفي الذّكر لَهَا فَقَالَ لم بكونوا يذكرونها فَهُوَ تَفْسِير هَذِه الرِّوَايَة وكلا التَّأْويلَيْنِ يَنْفِي قَول من تَأَول قَوْله يفتتحون الصَّلَاة بِالْحَمْد الله رب الْعَالمين بِأَنَّهُ سُورَة الْفَاتِحَة

وَمثل حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنهم كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد الله رب الْعَالمين وَقد روى يفتتحون الْقِرَاءَة ب {الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015