وَمَعْلُوم أَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ كَانَ مُسلما فِي حجَّة الْوَدَاع بل وَفِي عمْرَة الْجِعِرَّانَة عَام الْفَتْح وَلَكِن فِي عمْرَة الْقَضِيَّة كَانَ كَافِرًا بالعرش بِمَكَّة فقد سمى سعد رَضِي الله عَنهُ عمْرَة الْقَضِيَّة وَكَانُوا خَائِفين أَيْضا عَام الْفَتْح أما عَام حجَّة الْوَدَاع فَكَانُوا آمِنين وَلِهَذَا قَالُوا صلينَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى آمن مَا كَانَ النَّاس رَكْعَتَيْنِ
فَلَعَلَّهُ قد اشْتبهَ حَالهم هَذَا الْعَام بحالهم ذَاك الْعَام كَمَا اشْتبهَ على من روى أَنه نهى عَن مُتْعَة النِّسَاء فِي حجَّة الْوَدَاع وَإِنَّمَا كَانَ النَّهْي عَنْهُمَا فِي غزَاة الْفَتْح وكما ظن بَعضهم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل الْكَعْبَة فِي حج أَو عمْرَة وَإِنَّمَا دَخلهَا عَام الْفَتْح وَلم يقل أحد إِنَّه دَخلهَا فِي حج وَلَا عمْرَة
أَو يكون مُرَاد عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أَن غَالب أهل الأَرْض كَانُوا كفَّارًا مخالفين لنا والآن فقد فتحت الأَرْض فَيمكن الْإِنْسَان أَن يذهب إِلَى مقرة ثمَّ يرجع لعمرة وَهَذَا لم يكن مُمكنا فِي حجَّة الْوَدَاع لمن كَانَ مجاور الْعَدو بِالشَّام وَالْعراق ومصر
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير قَالَ قَالَ لي عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ أحَدثك حَدِيثا لَعَلَّ الله ينفعك بِهِ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع بَين حجَّته وعمرته ثمَّ إِنَّه لم ينع عَنهُ حَتَّى مَاتَ وَلم ينزل فِيهِ قُرْآن يحرمه
وَفِي رِوَايَة تمتّع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتمتعنا مَعَه
فَهَذَا عمرَان بن حُصَيْن من أجل السَّابِقين الْأَوَّلين أخبر أَنه تمتّع وَأَنه جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة
وَفِي مُسلم عَن غنيم بن قيس قَالَ سَأَلت سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ عَن الْمُتْعَة فِي الْحَج فَقَالَ فعلناها وَهَذَا كَافِر بالعرش يَعْنِي مُعَاوِيَة وَهُوَ إِنَّمَا كَانَ كَافِرًا فِي عمْرَة الْقَضِيَّة