خلاف كتاب الله وَخلاف سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخلاف إِجْمَاع الْأمة
وَهَكَذَا السّنة للْمُسَافِر أَنه يُصَلِّي الرّبَاعِيّة رَكْعَتَيْنِ وَالْقصر أفضل لَهُ من التربيع عِنْد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة كمذهب مَالك وَأبي حنيفَة وَأحمد وَالشَّافِعِيّ فِي أصح قوليه
وَلم تتنازع الْأمة فِي جَوَاز الْفطر للْمُسَافِر بل تنازعوا فِي جَوَاز الصّيام للْمُسَافِر فَذهب طَائِفَة من السّلف وَالْخلف إِلَى أَن الصَّائِم فِي السّفر كالمفطر فِي الْحَضَر وَإِذا صَامَ لم يجزه بل عَلَيْهِ أَن يقْضِي ويروي هَذَا عَن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهمَا من السّلف وَهُوَ مَذْهَب أهل الظَّاهِر
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر
لَكِن مَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة أَنه يجوز للْمُسَافِر أَن يَصُوم وَأَن يفْطر كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس قَالَ كُنَّا نسافر مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَان فمنا الصَّائِم وَمنا الْمُفطر فَلَا يعيب الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم
وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر}
وَفِي الْمسند عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الله يحب أَن يُؤْخَذ بِرُخصِهِ كَمَا يكره أَن تُؤْتى مَعْصِيَته
وَفِي الصَّحِيح أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي رجل أَكثر الصَّوْم أفأصوم فِي السّفر فَقَالَ إِن أفطرت فَحسن وَإِن صمت فَلَا بَأْس
وَفِي حَدِيث آخر خياركم الَّذِي يقصرون فِي السّفر ويفطرون
وَأما مِقْدَار السّفر الَّذِي يقصر فِيهِ وَيفْطر فمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَنه مسيرَة يَوْمَيْنِ قَاصِدين بسير الْإِبِل والأقدام وَهُوَ سِتَّة عشر فرسخا كَمَا بَين مَكَّة