وَأما إِذا مَاتَ الْمَيِّت وَله غُرَمَاء مديونون لم يسْتَوْف مِمَّا عَلَيْهِم شَيْئا فَهَل مطالبتهم للْمَيت أَو للْوَرَثَة اضْطر فِيهِ النَّاس

وَالصَّوَاب إِن كَانَ الْحق مظالم لم يتَمَكَّن هُوَ وَلَا ورثته من استيفائها من قَود أَو قذف أَو غصب فَهُوَ المطالب

وَإِن كَانَ دينا ثَبت بِاخْتِيَارِهِ وَتمكن من استيفاذه فَلم يستوفه حَتَّى مَاتَ فورثته تطالب بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَإِن كَانَ دينا عجز عَن استيفاذه هُوَ وورثته فالأشبه أَنه هُوَ الَّذِي يُطَالب بِهِ فَإِن الْعَجز إِذا كَانَ ثَابتا فِيهِ وَفِي الْوَارِث وَلم يتَمَكَّن أَحدهمَا من الِانْتِفَاع بذلك فِي الدُّنْيَا لم يدْخل فِي الْمِيرَاث فَيكون الْمُسْتَحق أَحَق بِحقِّهِ فِي الْآخِرَة كَمَا فِي الْمَظَالِم وَالْإِرْث مَشْرُوط بالتمكن من الِاسْتِيفَاء كَمَا أَنه مَشْرُوط بِالْعلمِ بالوارث

فَلَو مَاتَ لَهُ عصبَة بعيدَة لَا يعرف نسبهم لم يرثوه لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة وَهَذَا عَام فِي جَمِيع الْحُقُوق الَّتِي لله ولعباده هِيَ مَشْرُوطَة بالتمكن من الْعلم وَالْقُدْرَة والمجهول والمعجوز عِنْد كالعدوم

وَلِهَذَا قَالَ الْعلمَاء إِن مَا يجهل مَالِكه من الْأَمْوَال الَّتِي قبضت بِغَيْر حق كالمكوس أَو قبضت بِحَق كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِية وَجَهل صَاحبهَا بِحَيْثُ تعذر ردهَا إِلَيْهِ فَإِنَّهَا تصرف فِي مصَالح الْمُسلمين وَتَكون حَلَالا لمن أَخذهَا بِحَق كَأَهل الْحَاجة والاستعانة بهَا على مصَالح الْمُسلمين دون من أَخذهَا بباطل كمن يَأْخُذ فَوق حَقه

ثمَّ الْمَظْلُوم إِذا طَالب بهَا يَوْم الْقِيَامَة وَعَلِيهِ زَكَاة فَلَا تقوم هَذِه بِالزَّكَاةِ بل عُقُوبَة الزَّكَاة أعظم من حَسَنَة الْمَظَالِم والوعيد بترك الزَّكَاة عَظِيم

وَلَكِن الَّذِي ورد أَن الفرذض تجبر بالنوافل فَهَذَا إِذا تصدق بِاخْتِيَارِهِ صَدَقَة تطوع لَا يكون شَيْئا خرج بِغَيْر اخْتِيَاره فَإِنَّهُ يرجي لَهُ أَن يُحَاسب بِمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015