وَولى الْأَمر لَا يعطيهم من مَاله وَإِنَّمَا يقسم بَينهم حَقهم كَمَا يقسم التَّرِكَة بَين الْوَرَثَة وَلِهَذَا يجوز لَهُم إجَازَة كَمَا يجوز لأهل الْوَقْف كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأمرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونهوا عَن الْمُنكر وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور}
فَمن قَامَ بِهَذِهِ الْأُمُور نَصره الله على عدوه
فعلى كل من أنبت الله لَهُ زرعا الْعشْر سَوَاء كَانَ بِأَرْض مصر أَو غَيرهَا من كمالك ومستأجر ومقطع ومستعير
وَكَذَلِكَ التَّمْر وَالزَّبِيب وَنَحْوه مِمَّا تجب فِيهِ لزكاة فَلَا تخلى الأَرْض من عشر أَو خراج بِاتِّفَاق الْمُسلمين
وَلَكِن اخْتلفُوا هَل يجْتَمع الْعشْر وَالْخَرَاج الَّذِي هُوَ خراج الاسلام
فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا وَقَالَ الْبَاقُونَ نعم
وَالْأَرْض الخراجية عِنْد أبي حنيفَة هِيَ الَّتِي يملكهَا صَاحبهَا وَعَلِيهِ فِيهَا الْخراج وَله بيعهَا وهبتها وتورث عَنهُ
فَمن قَالَ إِن أَرض مصر الْيَوْم لَا عشر عَلَيْهَا عِنْد أبي حنيفَة فقد أَخطَأ لِأَن الْجند لَا يملكونها وَلَا الفلاحون وَلم يضْرب على المقطع خراج فِي خدمته
وَإِذا تركت الأَرْض الْمَمْلُوكَة بِلَا عشر ولاخراج كَانَ هَذَا مُخَالفا لإِجْمَاع الْمُسلمين
وَمن أفتى بخلو هَذِه الأَرْض عَن الْعشْر وَالْخَرَاج يُسْتَتَاب فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل وَمن زعم أَن الْجِهَاد هُوَ عوض الْخراج فقد أَخطَأ لوَجْهَيْنِ
أَحدهمَا أَنهم لَا يملكُونَ الْخراج بل تنَازع النَّاس فِي إجَازَة الإقطاع حَتَّى ظن طوائف من الحنيفة وَغَيرهم أَنه لَا يُؤجر لِأَن المقطع لم يملك الْمَنْفَعَة بِنَفسِهِ وَالْأَرْض الخراجية يؤجرها من عَلَيْهِم الْخراج بِالْإِجْمَاع
الثَّانِي أَن مَا يعطاه الجندي من الرزق لَيْسَ خراجا عَلَيْهِم وَلَا أُجْرَة للْجِهَاد