وَالثَّانِي مَالا يحرم لِأَنَّهُ لَا شَهْوَة مَعَه كنظر الرجل الْوَرع إِلَى وَلَده الْحسن وَابْنَته الْحَسْنَاء فَهَذَا لَا تقترن مَعَه شَهْوَة إِلَّا أَن يكون من أفجر الْخلق وَمَتى اقترنت بِهِ الشَّهْوَة حرم
وعَلى هَذَا من لَا يمِيل قلبه رلي المردان كَمَا كَانَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وكالأمم الَّذين لَا يعْرفُونَ هَذِه الْفَاحِشَة فَإِن الْوَاحِد من هَؤُلَاءِ لَا يفرق بَين نظره إِلَيّ هَذَا الْوَجْه وَبَين نظره إِلَيّ ابْنه وَابْن جَاره وصبى أَجْنَبِي لَا يخْطر بِقَلْبِه شئ من الشَّهْوَة لِأَنَّهُ لم يعْتد ذَلِك وَهُوَ سليم الْقلب وَقد كَانَ الْإِمَاء على عهد الصَّحَابَة رَضِي الله عَنهُ يَمْشين فِي الطرقات مكشوفات الْوُجُوه ويخدمن الرِّجَال مَعَ سَلامَة القولب فَلَو أَرَادَ الرجل أَن يتْرك الإِمَام التركيات الحسان يَمْشين بَين النَّاس فِي هَذِه الْبِلَاد والأوقات لَكَانَ من بَاب الْفساد وَكَذَلِكَ المردان الحسان لَا يَصح أَن يخرجُوا فِي الْأَمْكِنَة والأزمنة الَّتِي يخَاف فِيهَا الْفِتْنَة بهم إِلَّا بِقدر الْحَاجة فَلَا يُمكن الْأَمْرَد الْحسن وَالْوَجْه من التفرج وَلَا من الْجُلُوس فِي الْحمام بَين الْأَجَانِب وَلَا من رقصه بَين الرِّجَال وَنَحْو ذَلِك
وَإِنَّمَا وَقع النزاع بَين النَّاس فِي الْقسم الثَّالِث وَهُوَ النّظر إِلَيْهِ لغير شَهْوَة لَكِن مَعَ خوف ثورانها فَفِيهِ وَجْهَان فِي مَذْهَب أَحْمد أصَحهمَا وَهُوَ المحكي عَن نَص الشَّافِعِي وَغَيره أَنه لَا يجوز
وَالثَّانِي يجوز لِأَن الأَصْل عدم ثورانها وَالْأول هُوَ الرَّاجِح
وَمن أدمن النّظر رلى الْأَمْرَد وَقَالَ إِنَّه لَا ينظر لشَهْوَة فقد كذب فَإِنَّهُ رذا لم يكن لَهُ دَاع يحْتَاج مَعَه إِلَيّ النّظر لم يكن مِنْهُ النّظر فَإِنَّهُ مَا ينظر رلا لما يحصل فِي الْقلب من اللَّذَّة وَأما نظر الْفجأَة فَهُوَ عَفْو إِذا صرف بَصَره
وَيُقَال غض الْبَصَر عَن الصُّورَة الَّتِي يحرم النّظر إِلَيْهَا لَهُ ثَلَاث فَوَائِد
إِحْدَاهَا حلاوة الْإِيمَان ولذته الَّتِي هِيَ أحلى وَأطيب مِمَّا تَركه لله وَالنَّفس تحب النّظر إِلَى الصُّور لَا سِيمَا نفوس أهل الرياضة والصفا فَإِنَّهُ يبْقى فِيهَا رقة