وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة قَولَانِ هما وَجْهَان فِي مَذْهَب أَحْمد فِي رفع الْخَطِيب يَدَيْهِ
قيل يسْتَحبّ قَالَه ابْن عقيل وَقيل لَا يسْتَحبّ بل هُوَ مَكْرُوه وَهُوَ أصح
قَالَ إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ هُوَ بِدعَة للخطيب وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باصبعه إِذا دَعَا
وَأما فِي الاسْتِسْقَاء فَإِنَّهُ لما استسقى على الْمِنْبَر رفع يَدَيْهِ كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فقد روى فِي الحَدِيث أَنه استسقى بهم يَوْم الْجُمُعَة على الْمِنْبَر فَرفع يَدَيْهِ
وَقد ثَبت أَنه لم يكن يرفع يَدَيْهِ على الْمِنْبَر فِي غير الاسْتِسْقَاء فَيكون أنس أَرَادَ هَذَا الْمَعْنى لَا سِيمَا وَقد كَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان أحدث رفع الْأَيْدِي على الْمِنْبَر وَأنس رَضِي الله عَنهُ أدْرك هَذَا الْعَصْر وَقد أنكر ذَلِك على عبد الْملك عَاصِم بن الْحَارِث فَيكون هُوَ أخبر بِالسنةِ الَّتِي أخبر بهَا غَيره من أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يرفع يَدَيْهِ يَعْنِي على الْمِنْبَر إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاء
وَهَذَا يبين أَن الاسْتِسْقَاء مَخْصُوص بمزيد الرّفْع وَهُوَ الابتهال الَّذِي ذكره ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
فالأحاديث تأتلف وَلَا تخْتَلف
وَمن ظن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرّفْع المعتدل جعل ظهر كفيه إِلَى السَّمَاء فقد أَخطَأ
وَكَذَلِكَ من ظن أَنه قصد بِوَجْهِهِ وَظهر يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء فقد أَخطَأ فَإِنَّهُ نهى عَن ذَلِك فَقَالَ إِذا سَأَلْتُم الله فأسألوه ببطون أكفكم وَلَا تسألوه بظهورها أخرجه أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ وَهُوَ من غير وَجه عَن مُحَمَّد بن كَعْب كلهَا واهية وروى أَحَادِيث أخر فِي أبي دَاوُد وَغَيره