شيء, ومنه الجهة والمكان, وهو الغني عن العالمين وأن من فسرها بالمعنى السلبي, فلا محذور منه, إلا أنه مع ذلك لا ينبغي إطلاق لفظ الجهة والمكان ولا إثباتهما, لعدم ورودهما في الكتاب والسنة, فمن نسبهما إلى الله فهو مخطئ لفظأ, إن أراد بهما الإشارة إلى إثبات صفة العلو له تعالى, وإلا فهو مخطئ معنى أيضا إن أراد به حصره تعالى في مكان وجودي, أو تشبيهه تعالى بخلقه. وكذلك لا يجوز نفي معناهما إطلاقا إلا مع بيان المراد منهما لأنه قد يكون الموافق للكتاب والسنة, لأننا نعلم بالمشاهدة أن النفاة لهما إنما يعنون بهما نفي صفة العلو لله تعالى من جهة, ونسبة التجسيم والتشبيه للمؤمنين بها, ولذلك ترى الكوثري في تعليقاته يدندن دائما حول ذلك, بل يلهج بنسبة التجسيم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في كل مناسبة, ثم تابعه على ذلك مؤلف "فرقان القرآن" في مواطن منه, قال في أحدها "ص61" أن ابن تيمية شيخ إسلام أهل التجسيم {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} .
واتهام أهل البدع وأعداء السنن أهل الحديث بمثل هذه التهم قديم, منذ أن نشب الخلاف بينهم في بعض مسائل التوحيد والصفات الإلهية, وسترى في ترجمة الإمام أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى قوله:
" وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر, وعلامة الجهمية أن يسموا أهل السنة مشبهة, وعلامة القدرية "المعتزلة" أن يسموا أهل السنة مجبرة, وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية".
وإن افتراءهم على شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال بعد أن روى قوله "صلى الله عليه وسلم": "يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ... " كنزولي هذا, معروف وقد بين بطلان هذه الفرية شيخي في الإجازة الشيخ راغب الطباخ في بعض أعداد مجلة المجمع العلمي بدمشق, ثم صديقنا العلامة الأستاذ الشيخ محمد بهجة البيطار في كتابه "ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية".