فيقال لمن نفى: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلا في المخلوقات, أم تريد بالجهة ما وراء العالم فلا ريب أن الله فوق العالم. وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة. أتريد بذلك أن الله فوق العالم, أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول فهو حق, وإن أردت الثاني فهو باطل "

ومنه يتبين أن لفظة الجهة غير وارد في الكتاب والسنة وعليه فلا ينبغي إثباتها, ولا نفيها, لأن في كل من الإثبات والنفي ما تقدم من المحذور, ولو

لم يكن في إثبات الجهة إلا إفساح المجال للمخالف أن ينسب إلى متبني العلو ما لا يقولون به, لكفى.

وكذلك لا ينبغي نفي الجهة توهما من أن إثبات العلو لله تعالى يلزم منه إثبات الجهة, لأن في ذلك محاذير عديدة منها نفي الأدلة القاطعة على العلو له تعالى. ومنها نفي رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة, فصرح بنفيها المعتزلة, والشيعة, وعلل ابن المطهر الشيعي في "منهاجه" النفي المذكور بقوله: "لأنه ليس في جهة"! وأما الأشاعرة أو على الأصح متأخروهم الذين أثبتوا الرؤية فتناقضوا حين قالوا: "إنه يرى لا في جهة"

يعنون العلو قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة" "2/ 252":

" وجمهور الناس من مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون: إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل, كقولهم في الكلام, ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية أحد من طوائف المسلمين.

ثم أخذ يرد على النفاة من المعتزلة والشيعة بكلام رصين متين فراجعه فإنه نفيس.

وجملة القول في الجهة أنه إن أريد به أمر وجودي غير الله كان مخلوقا, والله تعالى فوق خلقه لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات, فإنه بائن من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015