أجد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفته لربه من الفوقية واليدين وغيرها, ولم ينقل عنه مقالة تدل على أن لهذه الصفات معاني آخر باطنة, غير ما يظهر من مدلولها, وأجد الله عز وجل يقول ... ".

ثم ذكر بعض الآيات في الاستواء والفوقية والأحاديث في ذلك, مما هو جزء يسير مما سيأتي في الكتاب ثم قال "ص181"1:

"إذا علمنا ذلك واعتقدناه تخلصنا من شبهة التأويل, وعماوة التعطيل, وحماقة التشبيه والتمثيل, وأثبتنا علو ربنا سبحانه وفوقيته واستواءه على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته, والحق واضح في ذلك, والصدور تنشرح له, فإن التحريف تأباه العقول الصحيحة, مثل تحريف الاستواء بالاستيلاء وغيره, والوقوف في ذلك جهل وعي, مع كون أن الرب تعالى وصف لنا نفسه بهذه الصفات لنعرفه بها, فوقوفنا عن إثباتها ونفيها عدول عن المقصود منه في تعريفنا إياها, فما وصف لنا نفسه بها إلا لنثبت ما وصف به نفسه لنا, ولا نقف في ذلك. وكذلك التشبيه والتمثيل حماقة وجهالة. فمن وفقه الله تعالى للإثبات بلا تحريف, ولا تكييف, ولا وقوف, فقد وقف على الأمر المطلوب منه إن شاء الله تعالى".

ثم شرع يبين السبب الذي حمل علماء الكلام على تأويل "الاستواء" بالاستيلاء فقال "ص181-183":

"والذي شرح الله صدري في حال هؤلاء الشيوخ الذين أولوا الاستواء بالاستيلاء و ... هو علمي بأنهم ما فهموا في صفات الرب تعالى إلا ما يليق بالمخلوقين, فما فهموا عن الله استواء يليق به ولا ... فلذلك حرفوا الكلام عن مواضعه, وعطلوا ما وصف الله تعالى نفسه به. ونذكر بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

لا ريب أنا نحن وإياهم متفقون على إثبات صفات الحياة والسمع,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015