البغوي" أنه لا يعجبه تفسير "استوى" بـ"استقر". بل إنه بالغ في إنكار لفظة "بذاته" على جمع ممن قال: "هو تعالى فوق عرشه بذاته" لعدم ورودها عن السلف, مع أنها مفسرة لقولهم باستواء الله على خلقه حقيقة استواء يليق بجلاله وكماله, واعتبرها من فضول الكلام, فانظرترجمة "136 - ابن أبي زيد" و"144 - يحيى بن عمار" و"146 - أبو عمر الطلمنكي" و"149 - أبو نصر السجزي".
وهذه اللفظة "بذاته", وإن كانت عندي معقولة المعنى, وأنه لا بأس من ذكرها للتوضيح فهي كاللفظة الأخرى التي كثر ورودها في عقيدة السلف وهي لفظة "بائن" في قولهم "هو تعالى على عرشه بائن من خلقه ". وقد قال هذا جماعة منهم كما ستراه في هذا "المختصر" في التراجم الآتية "45 - عبد الله بن أبي جعفر الرازي" و"53 - هشام بن عبيد الله الرازي" و"56 - سنيد بن داود المصيصي الحافظ" "67 - إسحاق بن راهويه عالم خراسان" وذكره عن ابن المبارك و"77 - أبو زرعة الرازي" و"87 - أبو حاتم الرازي" وحكياه عن العلماء في جميع الأمصار. و"79 - يحيى بن معاذ الرازي" و"84 - عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ الْحَافِظُ و"103 أبو جعفر ابن أبي شيبة" وكل هؤلاء من القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية ثم "108 - حماد البوشنجي الحافظ" وحكاه عن أهل الأمصار "109 - إمام الأئمة ابن خزيمة ". و"125 - أبو القاسم الطبراني" و"133 - ابن بطة" و"141 - أبو نعيم الأصبهاني" وعزاه إلى السلف. و"142 - معمر بن زياد" و"155 - الفقيه نصر المقدسي" و"158 - شيخ الإسلام الأنصاري" و"164 - ابن موهب ".
قلت: ومن هذا العرض يتبين أن هاتين اللفظتين: "بذاته" و"بائن" لم تكونا معروفين في عهد الصحابة رضي الله عنهم. ولكن لما ابتدع الجهم وأتباعه القول بأن الله في كل مكان, اقتضى ضرورة البيان أن يتلفظ هؤلاء الأئمة الأعلام, بلفظ "بائن" دون أن ينكره أحد منهم.