الآخرى، فحينئذ يلزم هاهنا ما يلزم ثمة. (?)
وأما بطلان الثالث فلأن الاعتبارات أمر عدمي ولا يكفي في العلّية وجود المنشأ، والحسن والقبح بالمعنى فيه من الوجوديات، ولا يكون علة الوجودي اللاوجودي، مع أن تضاف إليه تلك الإعتبارات أفعال أيضا فحسنها وقبحها إن كان بالمعنى المتنازع فيه لزم الدور والتسلسل، (?) أو بمعنى غيره فلا يلزم سراية الحسن والقبح بالمعنى المتنازع فيه باعتباره في المضاف للتباين. وأما بطلان الاحتمالات الباقية فظاهر، إذ فساد أجزاء المجموع كلها يستلزم فساده وفساد المعينات طرأ فساد المطلق ولا محالة بالضرورة. فقد تبين من هذا البيان أن الأفعال في نفسها لا اقتضاء لها ما ذكر مطلقا (?) وإنما صارت كذلك بواسطة أمر الشارع بها ونهيه عنها، (?) كما أن الأعيان كانت في العدم فاختصاصها وتشخصاتها في الوجود بانحاء الحقائق والعوارض لا لذواتها ولا لعوارضها ولا لاعتبارات فيها بل لجاعلها وإرادته الأزلية المرجحة فقط، على أن تعلق الثواب والعقاب بالأفعال أمر مجهول غير معقول المعنى.
الثاني: أن الثواب والعقاب ليسا بواجبين على الله تعالى، بل هما تفضل ورحمة وعدل وحكمة، فلو كانت الأفعال تقتضي الحسن والقبح لذاتها أو لجهة واتعبار فيها لكانا واجبين وقد بين بطلان اللازم.
الثالث: أن العبد غير مستبد في إيجاد فعله، بل أفعاله مخلوقة لله تعالى كما بينت، فلا يحكم العقل بالاستقلال على ترتب الثواب والعقاب عليها.
الرابع: أنه لو كان حسن الفعل وقبحه عقليين للزم تعذيب تارك الواجب ومرتكب الحرام سواء ورد به الشرع أم لا، واللازم باطل لقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (?) ولقوله تعالى {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا} وكذا عدم الحجة للناس على الله تعالى، وكذا لزم عدم بقاء