الصلاة والسلام - في عدة مواضع، ولا يقول ذلك عاقل فضلا عن فاضل. وأما ثالثا فلأن آدم أبو البشر وأصل لنوع الإنسان، فكل ما يحصل لأولاده من الفضائل والأعمال الصالحة فهي عائدة إليه. نعم إن بعض أولي العزم كنبينا ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام، فضلوا عليه لخصوصيات أكرمهم الله تعالى بها ذكرها سبحانه في كتابه العزيز وخطابه الوجيز. وأما رابعا فلأن الأزواج لا دخل لهن في المفاضلة، لأن الأمور العارضة لا دخل لها في الفضل الذاتي والكمال الحقيقي، وإنما المناط الأمور الذاتية والصفات الحقيقية، فتفضيل زوجة علي كرم الله تعالى وجهه على زوجة نوح - عليه الصلاة والسلام - غير مستلزم لتفضيل علي عليه. ألا ترى أن زوجة فرعون كانت أفضل من زوجة نوح ولوط، وكذا زوجة الأمير أفضل من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا قائل بالتفضيل. وأما خامسا فلأن حديث «لو كشف لي الغطاء ما أزددت يقينا» موضوع لا أصل له في كتب الحديث الصحيحة عند الفريقين. وعلى فرض تسليم صحته فهو غير مفيد للتفضيل أيضا لأن معناه: لو رفعت الأحجبة وسبحات الجلال عن وجه الواجب جل شأنه لا أزداد على اليقين الحاصل لي بوجوده وصفاته الكاملة بملاحظة الآيات على وحدانيته وكمال قدرته وإحاطة علمه. والخليل - عليه السلام - كان أعلى كعبا من الأمير في ذلك. وفي تفسير هذه الآية عدة أجوبة عن ذلك، ولا سيما في تفسير العلامة الجد عليه الرحمة عند الكلام على هذه الآية، فراجعه. (?)

وأما سادسا: فلأن عروج الأمير غير ثابت في كتبهم الصحيحة، بل الثابت خلافه، فقد روى ابن بابويه القمي (?) في كتاب (المعراج) (?) في ضمن حديث طويل عن أبي ذر أن ملائكة السماء قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا رجعت إلى الأرض فأقرأ على علي منا السلام. (?) وقال أيضا في الكتاب المذكور: والصحيح أن أمير المؤمنين ما كان ليلة المعراج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كان في الأرض، ولكن ارتفعت الأحجبة عن بصره فرأى وهو في الأرض ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في السماء. (?)

وأما سابعا: فلأن الأمير كان يعلم أنه صبي، وعداوة الكفار له ليست بالذات فلا طمع لهم في قتله ومع ذلك فقد أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الكفار لن يضروه، (?) فزيادة إيمانه بذلك القول كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015