وكل ما في القرآن من الوعيد فهو لغيرهم. (?) ولا يخفى أن عقيدتهم هذه تشبه عقيدة اليهود حيث قالوا {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة}، {نحن أبناء الله وأحباؤه} ويردهم قوله تعالى {من يعمل سوءا يجز به} وغير ذلك من الآيات والأحاديث المتفق على صحتها عند الفريقين. (?)

ومن مكائدهم أنهم يقولون: إن أهل السنة يختارون مذهب أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد ويؤثرونه على مذهب الأئمة الأطهار مع أنهم أحق بالأتباع، لأنهم تربوا في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأهل البيت أدرى بما فيه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «إنى تارك فيكم الثَّقَلَين ما إن تمسكتم بها لن تضلوا بعدي: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (?) وقال - صلى الله عليه وسلم - «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق» (?) ولأن كمالهم وعلمهم وتقواهم من المتفق عليه عند الفريقين، فهم بالاتباع أحق، وبالاقتداء أليق. والجواب أن الإمام نائب النبي وخليفة لا صاحب المذهب، لأن المذهب طريق الذهاب الذي فتح على بعض الأمة فهم أحكام الشريعة من أصولها، ولذا احتمل الصواب والخطأ، والإمام عندكم معصوم عن الخطأ كالنبي فلا يتصور نسبة المذهب إليه، ومن ثم كان نسبة المذهب إلى الله تعالى والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام من فضول الكلام، ومعدودا من جملة الأوهام. بل فقهاء الصحابة رضى الله تعالى عنهم أفضل عند أهل السنة من الأئمة الأربعة، ومع ذلك لا يعدونهم أصحاب مذاهب، بل إنما يجعلون أقوالهم وأفعالهم مدارك الفقه ودلائل الحكام، وواسطة في أخذ شريعة الرسول - عليه الصلاة والسلام -.

على أن أهل السنة هم المقتدون بالأئمة الأطهار، فإن أئمة مذاهبهم قد أخذوا العلم من أولئك الأخيار، فرتبتهم عند أهل السنة رتبة النبي والأصحاب الكبار، ولكن لا ينسبون أنفسهم إليهم، ولا يدعون أخذ العلم عنهم كما هو حالهم مع الصحابة. وتحقيق هذا المطلب أن منصب الإمام إصلاح العالم في أمر المعاش والمعاد كما هو شأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فالأئمة في زمنهم اشتغلوا في ألهم من بيان ما يحصل به الشفاء من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015