حتى يسن لمن اجتمع مع أهل السنة أن يوافقهم في صلاتهم وصيامهم وسائر ما يدينون به. ورووا عن بعض ائمة أهل البيت «من صلى وراء سني تقية فكأنما صلى وراء نبي». (?) وفي وجوب قضاء تلك الصلاة عندهم خلاف. وكذا في وجوب قضاء الصوم على من أفطر تقية حيث لا يحل الإفطار قولان أيضا. (?) وفي أفضلية التقية من سني واحد صيانة لمذهب الشيعة عن الطعن خلاف أيضا. وأفتى كثير منهم بالأفضلية، ومنهم من ذهب إلى جواز - بل وجوب - إظهار الكفر لأدنى مخافة أو طمع، ولا يخفى أنه من الإفراط بمكان. وحملوا أكثر أفعال الأئمة - مما يوافق مذهب أهل السنة ويقوم به الدليل على رد مذهب الشيعة - على التقية، وجعلوا هذا أصلا أصيلا واستوى عليه دينهم وهو الشائع الآن فيما بينهم. (?) حتى نسبوا ذلك للأنبياء عليهم السلام، (?) وجل غرضهم من ذلك إبطال خلافة الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم، ويأبى الله تعالى ذلك، ففى كتبهم ما يبطل كون أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه ونبيه - رضي الله عنه - ذوى تقية، بل ويبطل أيضا فضلها الذي زعموه.
ففي كتاب (نهج البلاغة) الذي هو في زعمهم أصح الكتب بعد كتاب الله أن الأمير كرم الله تعالى وجهه قال: «علامة الإيمان إيثارك الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك» (?) وأين هذا من تفسيرهم قوله تعالى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} بأكثركم تقية؟ (?) وفيه أيضا أنه كرم الله تعالى وجهه قال «إني والله لو لقيتهم واحدا وهم طلاع الأرض (?) كلها ما بليت ولا استوحشت، وإني من ضلالتهم التي هم فيها والهدى الذي أنا عليه لعلى بصيرة من نفسي ويقين من ربي، وإلى لقاء الله وحسن ثوابه لمنتظر راج» (?) وفي هذا دلالة على أن الأمير لم يخف وهو منفرد من حرب الأعداء وهم جموع،