إلى عسكره، ولهم عشائر وقبائل ومع هذا لم يمتازوا بأعيانهم - فمال - رضي الله عنه - إلى التأخير حتى يمتازوا ويتحقق القاتل من غيره، فأبى معاوية إلا تسليم من يزعمونه قاتلا. (?) وكثر القيل والقال حتى اتهم بنو أمية الأمير كرم الله تعالى وجهه بأنه الذي دلس على قتلة عثمان - رضي الله عنه -، وكان كرم الله تعالى وجهه قد تصرف بسلاح عثمان فقال لذلك قائلهم: (?)
ألا ما لليلى لا تغور كواكبه ... إذا غار نجم لاح نجم يراقبه
بني هاشم ردوا سلاح ابن أختكم (?) ... ولا تنهبوه لا تحل مناهبه
بني هاشم لا تعجلونا فإنه ... سواء علينا قاتلوه وسالبه
وإنا وإياكم وما كان منكم ... كصدع الصفا لا يرأب الصدع شاعبه (?)
بني هاشم كيف التقاعد بيننا ... وعند علي سيفه وحرائبه
لعمرك لا أنسى ابن أروى (?) وقتله ... وهل ينسين الماء ما عاش شاربه
هم قتلوه كي يكونوا مكانه ... كما فعلت يوما بكسرى مرازبه
وكان الأمير كرم الله تعالى وجهه يلعن القتلة ويقول «يا معاوية، لو نظرت بعين عقلك دون عين هواك لرأيتني أبرأ الناس من قتلة عثمان». (?) وتصرفه - رضي الله عنه - بسلاحه لأنه كان من الأشياء الراجعة إلى بيت المال، وحكمه إذ ذاك كحكم المدافع في زماننا في أن حق التصرف في ذلك للإمام. ثم إنه قد وقع الحرب بينهم مرارا وبقى كرم الله تعالى وجهه بصفين ثلاثة أشهر وقيل سبعة وقيل تسعة، وجرى ما تشيب منه الرءوس وتهون معه حرب البسوس، (?) وليلة الهرير أمرها شهير، (?) وآل الأمر إلى التحكيم، وحدث من ذلك ما أوجب ترك القتال مع معاوية والاشتغال بأمر الخوارج، وذلك تقدير العزيز العليم. (?)