لمقاتلة أبي سفيان بعد أحد، وتأميره أيضا في غزوة بني فزارة كما رواه الحاكم عن سلمة بن الأكوع، وتأميره في العام التاسع ليحج بالناس أيضا ويعلمهم الأحكام من الحلال والحرام، (?) وتأميره أيضا بالصلاة قبيل الوفاة، (?) إلى غير ذلك من مما يطول.
ويجاب أيضا - على فرض التسليم - بأن عدم ذلك ليس لعدم اللياقة بل لكونه وزيرا ومشيرا على ما هي العادة. روى الحاكم عن حذيفة بن اليمان أنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إني أريد أن أرسل الناس إلى الأقطار البعيدة لتعليم الدين والفرائض كما كان عيسى أرسل الحواريين. فقال بعض الحضار: يا رسول الله مثل هؤلاء الناس موجودون فينا كأبي بكر وعمر، قال: إنه لا غنى لي عنهما، إنهما من الدين كالسمع والبصر. (?) وأيضا قال - صلى الله عليه وسلم -: أعطاني الله أربعة وزراء وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر. (?)
وأيضا لو كان عدم الإرسال موجبا لسلب اللياقة يلزم عدم لياقة الحسنين - معاذ الله تعالى من ذلك.
ومنها أن أبا بكر ولّى عمر أمور المسلمين، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولاه على أخذ الصدقات سنة ثم عزله، فالتولية مخالفة.
ويجاب بأن محض الجهالة أن يقال لانقطاع العمل عزل. وعلى تقدير العزل فأين النهي عن توليته كي تلزم المخالفة بالتولية؟ فافهم.
ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله وعمر وتابعين لعمر بن العاص وأسامة أيضا، ولو كانا لائقين لأمّرهما.
ويجاب بأن ذلك لا يدل على الأفضلية ونفي اللياقة، (?) إذ المصلحة ربما اقتصت ذلك، فإن عَمرا كان ذا خديعة في الحرب ودهاء وحيلة عارفا بمكايد الأعداء، ولم يكن غيره فيها كذلك، كما يولى مثل هذا لقمع السارقين وعسس الليل ونحوهما من لا يولى لذلك من الأكابر. وأسامة استشهد أبوه على أيدي كفار الشام والروم فكان ذلك تسلية له وتشفية. وأيضا مقصود النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك إطلاع أبي بكر وعمر على حال التابع والمتبوع كما هو شأن تربية الحكيم خادمه، فلا تغفل.