الدليل السادس أن الشيعة قالوا: ما روى أحد من الموافق والمخالف ما يوجب الطعن والقدح في الأمير، بخلاف الخلفاء الثلاثة فإن الموافق والمخالف رويا القوادح الكثيرة في حقهم بحيث يسلب استحقاق الإمامة عنهم، فالأمير الذي هو سالم عن قوادح الإمامة يكون متعينا لها.
ولا يخفى أن هذا الدليل - على ما بيناه في تصحيح دلائلهم سابقا - ليس على ما ينبغي من طريق القياس الذي يستدل به على المطلوب، فإن ما ذكره المدعي ههنا إنما هو بيان لإثبات الصغرى في كلا القياسين اللذين يستدل بمجموعهما على المطلوب، وهما هذا: أن كلا من الخلفاء الثلاثة دون الأمير مقدوح فيه ومطعون عليه بما يسلب عنهم استحقاق الإمامة، وكل من كان كذلك فليس إماما، والأمير سالم من ذلك، وكل من كان كذلك فهو إمام، لأن كلا من الموافق والمخالف روى في حقهم ولم يروا في حقه القوادح الموجبة لسلب استحقاق الإمامة.
ويجاب بأنا لا نسلم السلامة من القوادح ولا الطعن بها في حقه وحقهم مطلقا، ولا رواية الموافق تلك القوادح أيضا، ولا سلب ما روى المخالف الاستحقاق عنهم، ولا كونها حقه، وكل ذلك ممنوع منعا ظاهرا، لأن الخلفاء الثلاثة كما روى المخالفون (?) (وهم الشيعة وإخوانهم، لا الموافقون الذين هم أهل السنة وأمثالهم) القوادح الباطلة في حقهم، كذلك رواها في حق الأمير مخالفوه من الخوارج وغيرهم، دون من يوافقونه من أهل السنة والشيعة، فلا سلامة ولا قدح من كل وجه، ولا ضير بالقوادح الباطلة من المخالف في الجانبين، فقد تبين أن حالة كحالهم مطلقا. وأما كبرى القياسين