هذا الأصل إن بعث النبي واجب على الله» ولما أبطلنا مذهبهم في هذه المباحث بشهادة العدول - الكتاب، والعترة، والعقل السليم - لم يبق شبهة ولا شك في بطلانه. (?)

ولنذكر بعضا من دلائلهم العقلية، وإن كان يستغنى عن ذكرها بما ذكرنا. فنقول:

الأول من دلائلهم أنهم قالوا: «إن الأمام يجب أن يكون معصوما، وغير الأمير من الصحابة لم يكن معصوما، فكان هو إماما لا غيره»، (?) وهو المدعى.

ولا يخفى أن تقرير الاستدلال ناقص لا يفيد المدعى، لأن الدعوى مركبة من ثبوت الإمامة للأمير وسلبها عن غيره. والدليل المذكور لا يلزم منه إلا سلب مفهوم كل أحد غير الأمير من الصحابة عن ذات متصفة بالإمامة فقط، وهو غير مطلوب، فالاستدلال الصحيح بعكس ترتيب هذا القياس المذكور، وضم قياس آخر إليه من الشكل الأول فيفيد مجموعهما المدعى، وهو هكذا: «لم يكن أحد غير الأمير من الصحابة معصوما، وكل إمام يجب أن يكون معصوما» على الضرب الثاني من الشكل الثاني، ونتيجة هذا القياس سالبة كلية وهي «لم يكن أحد غير الأمير منهم إماما» فيحصل منه سلب الإمامة عن غير الأمير من الصحابة. والقياس الآخر «إن الأمير كان معصوما، وكل معصوم يكون إماما، فالأمير يكون إماما» فيلزم منه ثبوت إمامته، فمجموع هذين القياسين تثبت به الدعوى وهو المطلوب. (?)

ويجاب عن الأول بمنع الكبرى أعني «كل إمام يجب أن يكون معصوما» وبمنع استثناء الأمير منهم في الصغرى، وإسنادهما أقوال الأمير الآتية، وبهذا المعنى يرد المنع على الصغرى التي جعلها المستدل كبرى قياسه، وإلا فهي مسلمة بالضرورة فلا يصح منعها، ويجاب عن الثاني بمنع الصغرى وسنده سند منع الاستثناء، وبفوات بعض الشروط من كلية كبراه لأن المعصوم عام فإن الأنبياء والملائكة وفاطمة معصومون وليسوا بأئمة بالمعنى المتنازع فيه، فحمل «الإمام» على جميع أفراده لا يمكن، وعلى بعض أفراده يجعل القضية جزئية وهي لا تصلح لكبروية الشكل الأول لاشتراط كليتها، فافهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015