الحديث أصح وأقوى من غيره، ولكن مدعى الشيعة غير حاصل منه إذ لا ملازمة بين كونه محبا لله ورسوله ومحبوبا لهما وبين كونه إماما بلا فصل أصلا، على أنه لايلزم من إثباتهما له نفيا عن غيره، كيف وقد قال الله تعالى في حق أبي بكر ورفقائه {يحبهم ويحبونه} وقال في حق أهل بدر {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص} ولا شك أن من يحبه الله يحبه رسوله ومن يحب الله من المؤمنين يحب رسوله، وقال في شأن أهل مسجد قبا {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ «يا معاذ إني أحبك». (?) ولما سئل: من أحب الناس إليك؟ قال: «عائشة» قيل: ومن الرجال؟ قال: «أبوها». (?) وإنما نص على المحبية والمحبوبية في حق الأمير مع وجودهما في غيره لنكتة دقيقة تحصل من ضمن قوله «يفتح الله على يديه» وهي أنه لو ذكر مجرد الفتح لربما توهم أن ذلك غير موجب لفضيلته لما ورد «إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» (?) فأزال ذلك التوهم بإثبات هاتين الصفتين له فصار المقصود منه تخصيص مضمون «يفتح الله على يديه» وما ذكر من الصفات لإزالة ذلك التوهم.

الحديث العاشر: «رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار» (?)

وهذا الحديث يقبله أيضا أهل السنة، ولكن لا مساس له بمدعى الشيعة وهو الإمامة بلا فصل، وقد جاء في حق عمار بن ياسر «الحق مع عمار حيث دار» (?) وفي حق عمر أيضا «الحق بعدي مع عمر حيث كان» (?) بل في هذين الحديثين إخبار بملازمة الحق لعمر ولعمار، بخلاف الحديث عن الأمير فإنه دعاء في حقه، والفرق بين الإخبار والدعاء غير خاف، خصوصا على ما قرره الشيعة من أن استجابة دعاء النبي لازمة عندهم، فقد روى ابن بابويه القمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا ربه أن يجمع أصحابه على محبة علي فلم يكن ذلك. وزاد في حق عمر لفظ «بعدي» ليكون دليلا على صحة إمامته وإمامة من رآه عمر إماما. وعلى مذاق الشيعة يكون هذا الحديث دليلا على عصمته، لكن مذهب أهل السنة لا يكون غير النبي معصوما. وقد تمسك بعض ظرفاء أهل السنة بحديث علي المذكور على صحة أبي بكر وعمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015