والقاعدة الأصولية للشيعة أن الألفاظ القرآنية ينبغي أن تحمل على المعاني الاصطلاحية الشرعية حتى الإمكان، لا على المعاني اللغوية. وإلا فالشرعية كلها تفسد ولا يثبت حكم كما لا يخفى. وأيضا كيف يصح تمسكهم بحديث «أنت مني» الخ المنضم إليه {اخلفني في قومي} وكيف التمسك بحديثهم «يا علي أنت خليفتي من بعدي» (?)؟ ولقد سعى المدققون من الشيعة في الجواب عن هذه الآية وتوجيهها، وأحسن الأجوبة عندهم اثنان: الأول أن «من» للبيان لا للتعبيض، و «الاستخلاف» الاستيطان. قلنا: حمل «من» الداخلة على الضمير على البيان مخالف للاستعمال وبعيد عن المعنى في الآية الكريمة وإن قال به البعض، سلمنا لكن لا يضرنا لأن المخاطبين هم الموعودون بتلك المواعيد وقد حصلت لهم، إلا أن الاستخلاف غير معقول للكل حقيقة، فالحصول للبعض حصول للكل باعتبار المنافع. وأيضا قيد «اعملوا الصالحات» وكذا «الإيمان» يكون عبثا إذ الاستيطان يحصل للفاسق وكذا الكافر. وأيضا حاشا القرآن من العبث. الثاني أن المراد الأمير فقط وصيغه الجمع للتعظيم أو مع أولاده خوف. قلنا يلزم تخلف الوعد كما لا يخفى، إذ لم يحصل لأحد منهم تمكين دين وزوال خوف، والناس شاهدة على ذلك. (?)

وانظر أيها المنصف الحصيف واللوذعي الشريف إلى ما قاله الإمام مما ينحسم فيه الإشكال في هذا المقام؛ ذكر في (نهج البلاغة) للمرتضى الذي هو أصح الكتب عندهم أن عمر بن الخطاب لما استشار الأمير عند انطلاقه لقتال فارس وقد جمعوا للقتال، أجابه «إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة، وهو دين الله تعالى الذي أظهره، وجنده الذي أعده وأمده،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015