الاختفاء لحكمة استأثر بها الله تعالى في علم الغيب عنده. ويرد عليه أن هذا الدعاء مجرد يمكن أن يقال مثله في كل أمر يكون مناقضا للطف، فلا يثبت اللطف في شيء! وبه يفسد كلام الشيعة كله، لأن مبنى أدلتهم عليه، يقولون إن أمر كذا لطف واللطف واجب عليه تعالى! فليتأمل. والله سبحانه يحق الحق وهو يهدي السبيل.

التنبيه الثاني: اعلم أن قول الله تعالى {ابعث لما ملكا نقاتل في سبيل الله} وقوله تعالى {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر} وقوله تعالى {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا} إلى غير ذلك من الآيات يدل على أن هداية الناس والصبر على مشقة مخالطتهم من لوازم الإمامة، وكذا الجهاد في سبيل الله، والعقل يحكم بذلك. وقد قال أمير المؤمنين «لابد للناس من أمير برٍ أو فاجر. يعمل في إمرته المؤمن ويستمع فيها الكافر، ويبلغ فيها الأجل وتأمن فيها السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي، حتى يستريح بر ويستراح من فاجر» كذا في نهج البلاغة. ولا يمكن حمله على التقية، لما ذكره في نهج البلاغة من أنه - رضي الله تعالى عنه - قاله لما سمع قول الخوارج «لا إمارة» فلا محل للتقية في مقابلتهم، فتأمل في هذا الكلام، وتفكر في هذا المقام تر الفلاح أوضح من الصباح، وأن الحق عند أصحاب الجنة وأهل السنة. والله تعالى أعلم.

التنبيه الثالث: العدالة شرط الإمامة، لا العصمة بمعنى امتناع صدور الذنب كما في الأنبياء، خلافا للشيعة ولا سيما الإمامية والإسماعيلية قالوا: لا بد منها علما وعملا، وهو مخالف للكتاب والعترة.

أما الكتاب فقوله تعالى {إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا} فكان واجب الطاعة بالوحي، ولم يكن معصوما بالإجماع. (?) وقوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة} فكان قبل النبوة إماما وخليفة، (?) وصدر منه ما صدر، ويدل على ذلك قوله تعالى {فعصى آدم ربه فغوى} وقوله {ثم اجتباه ربه} والاجتباء في قوله تعالى في حق يونس {فاجتباه ربه فجعله من الصالحين} الاصطفاء للدعاء وعذره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015