إلى الإيمان وميل الكافرين إلى الكفر وميل أهل الطاعة إليها وميل أهل الفسق إليه؛ كل يرجح في قلبه ما له ميل إليه ويخلقه الله تعالى على يده. فجزاء الخير والشر بناء على علمه تعالى في إيجادهم لو فرض إليهم، فهم وإن لم يكونوا خالقين لأفعالهم حقيقة ولكن لا شبه في خلقهم تقديرا، فلو جعل الكافر قادرا على خلق أفعاله لخلق الكفر. وكذا لو كان المؤمن يعطى القدرة على هذا الأمر لخلق الإيمان. وعلى هذا القياس في جميع الأفعال والأقوال. (?) والجزاء المبني على علمه في حق كل ليس ظلما عند الشيعة لأن جزاء أطفال المشركين بهذه الوتيرة عندهم بلا تفاوت. روى ابن بابويه عن عبد الملك بن سنان قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن أطفال المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث، قال: الله أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل آبائهم. (?) وروى عن وهب بن وهب (?) عن [جعفر بن محمد (?)] عن أبيه عن أبي عبد الله أيضا أنه قال: أولاد الكفار في النار. (?) فإذا لم يكن عذاب الصبي غير المكلف لكونه كافرا وعاصيا في علم الله تعالى من غير أن يوجد فيه شاهد هذا العلم من ميل النفس وهواها ظلما، لم يكن ظلما تعذيب المكلف على فعله الذي يوجده ويخلقه بوفق إرادته وهوى نفسه لأجل أنه يفعل هذا الفعل ويخلقه لو قدر عليه. (?)

وهذا الوجه مصرح به ومبين في روايات الأئمة في كتب الشيعة: روى الكليني وابن بابويه وآخرون منهم عن الأئمة أن الله خلق بعض عباده سعيدا وبعض عباده شقيا لعلمه بما كانوا يعملون. (?) ليتأمل في لفظ «كانوا» فإنه يفيد صريحا معنى الفرض والتقدير. وروى الكليني وغيره من الإمامية عن أبي بصير أنه قال: كنت بين يدي أبي عبد الله - عليه السلام - جالسا فسأله سائل فقال: جعلت فداك با ابن رسول الله، من أين لحق الشقاء بأهل المعصية حتى حكم لهم بالعذاب على عملهم في علمه؟ فقال أبو عبد الله: أيها السائل، علم الله عز وجل لا يقوم له أحد من خلقه بحقه، فلما حكم بذلك وهب لأهل المحبة القوة على طاعته ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله ووهب لأهل المعصية القوة على معصيتهم بسبق علمه فيهم ومنعهم إطاقة القبول منه فوافقوا ما سبق لهم من علمه تعالى ولم يقدروا أن يأتوا حالا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015