قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ نَعْلَمُ1 الْعِلْمَ بِالتَّوَاتُرِ مَعَ الْجَهْلِ بِأَقَلِّ عَدَدِهِ؟
قُلْنَا: كَمَا يُعْلَمُ أَنَّ الْخُبْزَ مُشْبِعٌ، وَالْمَاءَ مُرْوٍ، وَإِنْ جَهِلْنَا عَدَدَهُ2. اهـ.
"وَيَخْتَلِفُ" الْعِلْمُ الْحَاصِلُ بِالتَّوَاتُرِ "بِاخْتِلافِ الْقَرَائِنِ" أَيْ قَرَائِنِ التَّعْرِيفِ. مِثْلِ الْهَيْئَاتِ الْمُقَارِنَةِ لِلْخَبَرِ الْمُوجِبَةِ لِتَعْرِيفِ مُتَعَلَّقِهِ، وَلاخْتِلافِ أَحْوَالِ الْمُخْبِرِينَ فِي اطِّلاعِهِمْ عَلَى قَرَائِنِ التَّعْرِيفِ، وَلاخْتِلافِ إدْرَاكِ الْمُسْتَمِعِينَ لِتَفَاوُتِ الأَذْهَانِ وَالْقَرَائِحِ وَلاخْتِلافِ الْوَقَائِعِ عَلَى عِظَمِهَا وَحَقَارَتِهَا3.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ4.
قَالَ فِي "جَمْعِ الْجَوَامِعِ": "وَالصَّحِيحُ ثَالِثُهَا": أَنَّ عِلْمَهُ لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ مُتَّفِقٌ، وَلِلْقَرَائِنِ قَدْ يَخْتَلِفُ5. فَيَحْصُلُ لِزَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو6".
وَ7قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: هَلْ يَجِبُ اطِّرَادُ حُصُولِ الْعِلْمِ بِالتَّوَاتُرِ لِكُلِّ مَنْ بَلَغَ، أَوْ يُمْكِنُ حُصُولُ الْعِلْمِ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ؟ فِيهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ. ثَالِثُهَا - وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ - أَنَّ عِلْمَهُ مُتَّفِقٌ8، أَيْ يَتَّفِقُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي الْعِلْمِ بِهِ،