بِالثَّالِثِ - رَأَى1 أَنَّ كُلاًّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ - لَهُ وَجْهٌ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا2.
وَقَالَ الْكُورَانِيُّ: إذَا3 أَرَدْت تَحْقِيقَ الْمَسْأَلَةِ، فَاعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ دَلالَةَ الأَلْفَاظِ إنَّمَا هِيَ عَلَى الصُّوَرِ الذِّهْنِيَّةِ الْقَائِمَةِ بِالنَّفْسِ. فَإِنْ أُرِيدَ بِالْكَلامِ الإِشَارَةُ إلَى أَنَّ النِّسْبَةَ الْقَائِمَةَ بِالنَّفْسِ مُطَابِقَةٌ لأُخْرَى4 خَارِجِيَّةٍ فِي أَحَدِ الأَزْمِنَةِ الثَّلاثَةِ. فَالْكَلامُ خَبَرٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْخَارِجِيَّةُ قَائِمَةً بِالنَّفْسِ أَيْضًا، كَعَلِمْتُ وَظَنَنْت. أَوْ بِغَيْرِهِ كَخَرَجْتُ وَدَخَلْت، وَإِنْ لَمْ يُرَدْ5 مُطَابَقَةُ تِلْكَ النِّسْبَةِ الذِّهْنِيَّةِ لأُخْرَى خَارِجِيَّةٍ. فَالْكَلامُ إنْشَاءٌ. فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: أَشْهَدُ بِكَذَا. لا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ أَنَّ تِلْكَ النِّسْبَةَ الْقَائِمَةَ بِنَفْسِهِ تُطَابِقُ نِسْبَةً أُخْرَى فِي أَحَدِ الأَزْمِنَةِ، بَلْ مُرَادُهُ الدَّلالَةُ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ ثُبُوتِ هَذِهِ النِّسْبَةِ. مِثْلُ: اضْرِبْ، وَلا تَضْرِبْ. فَهُوَ إنْشَاءٌ مَحْضٌ، وَلا يَرْجِعُ الصِّدْقُ وَلا6 الْكَذِبُ إلَيْهِ، وَكَوْنُ الْمَشْهُودِ بِهِ خَبَرًا لا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ 7إنْشَاءً مَحْضًا؛ لأَنَّ تِلْكَ النِّسْبَةَ مُسْتَقِلَّةٌ بِحُكْمٍ، وَلَوْ كَانَ كَوْنُ الشَّيْءِ مُتَضَمِّنًا لآخَرَ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ7 مَحْضُ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَمْ يَبْقَ إنْشَاءٌ مَحْضٌ قَطُّ إذْ قَوْلُك: