وَقَوْلُهُ: {عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} فِيهِ شَيْئَانِ: الْجَمْعُ وَالتَّأْكِيدُ بِالْكَمَالِ. وَجَوَابُ الْجَمْعِ: رَفْعُ الْمَجَازِ الْمُتَوَهَّمِ فِي الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ؛ إذْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا بِمَعْنًى "أَوْ" مَجَازًا. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولِيْ أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} 1، وَالتَّأْكِيدُ أَفَادَ عَدَمَ النَّقْصِ فِي الذَّاتِ، كَمَا2 قَالَ تَعَالَى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} 3، أَوْ عَدَمَ النَّقْصِ فِي الأَجْرِ، دَفْعًا لِتَوَهُّمِ النَّقْصِ بِسَبَبِ التَّأْخِيرِ.

وَوَصْفُ النَّفْخَةِ بِالْوَاحِدَةِ إبْعَادٌ لِلْمَجَازِ وَتَقْرِيرٌ لِوَحْدَتِهَا بِسَبَبِ الْمُفْرَدِ؛ لأَنَّ الْوَاحِدَ قَدْ يَكُونُ بِالْجِنْسِ.

وَقَوْلُهُ: {إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} قَالَ صَاحِبُ "الْمَثَلِ السَّائِرِ4": التَّكْرِيرُ فِي الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. كَدَلالَتِهِ عَلَى الْجِنْسِ وَالْعَدَدِ، وَهُوَ بَابٌ مِنْ "التَّكْرِيرِ مُشْكِلٌ؛ لأَنَّهُ يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّهُ تَكْرِيرٌ مَحْضٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ5. وَلَيْسَ كَذَلِكَ6".

فَالْفَائِدَةُ إذًا فِي قَوْلِه: ِ {إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} و"َإِلَهٌ وَاحِدٌ": هِيَ أَنَّ الاسْمَ الْحَامِلَ لِمَعْنَى الإِفْرَادِ وَالتَّثْنِيَةِ دَالٌّ عَلَى الْجِنْسِيَّةِ وَالْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ. فَإِذَا أُرِيدَتْ الدَّلالَةُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَانَ الَّذِي يُسَاقُ إلَيْهِ هُوَ الْعَدَدُ شُفِعَ بِمَا يُؤَكِّدُهُ. وَهَذَا دَقِيقُ الْمَسْلَكِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015