الْحَكِيمِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ. [فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ رَجَعَ إلَى قَلْبِهِ] 1 فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَكَتَ، وَكَلامُ الْجَاهِلِ عَلَى طَرَفِ لِسَانِهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا مَجَازٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ.

أَحَدُهَا: مَا ذَكَرْنَا2، وَمَا تَرَكْنَاهُ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرْنَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلامَ هُوَ النُّطْقُ، وَحَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَحَمْلُ3 كَلامِ4 الأَخْطَلِ عَلَى مَجَازِهَا أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْحَقِيقَةَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِسَبْقِهَا إلَى الذِّهْنِ وَتَبَادُرِ الأَفْهَامِ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلاقِ الْكَلامِ مَا ذَكَرْنَاهُ.

الثَّالِثُ: تَرْتِيبُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ5 دُونَ مَا ذَكَرُوهُ.

الرَّابِعُ: قَوْلُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ، وَهُمْ أَعْرَفُ بِهَذَا الشَّأْنِ.

الْخَامِسُ: مِنْ الاشْتِقَاقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

السَّادِسُ: لا تَصِحُّ إضَافَةُ مَا ذَكَرُوهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَإِنَّهُ جَعَلَ الْكَلامَ فِي الْفُؤَادِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يُوصَفُ بِذَلِكَ. وَجَعَلَ اللِّسَانَ دَلِيلاً عَلَيْهِ، وَلأَنَّ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الأَخْطَلُ بِالْكَلامِ هُوَ التَّرَوِّي وَالْفِكْرُ، وَاسْتِحْضَارُ الْمَعَانِي، وَحَدِيثُ النَّفْسِ وَوَسْوَسَتُهَا. وَلا يَجُوزُ إضَافَةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلا خِلافٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015