قُلْنَا: إنْ عَنَيْتُمْ اسْتِحَالَتَهُ بِالإِضَافَةِ إلَى الشَّاهِدِ. فَسَمَاعُ كَلامٍ1 بِدُونِ تَوَسُّطِ صَوْتٍ وَحَرْفٍ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ عَنَيْتُمْ اسْتِحَالَتَهُ مُطْلَقًا فَلا نُسَلِّمُ، إذْ الْبَارِي جَلَّ جَلالُهُ عَلَى خِلافِ الْمُشَاهَدِ2 وَالْمَعْقُولِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. وَقَدْ وَرَدَتْ النُّصُوصُ بِمَا قُلْنَاهُ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ. اهـ.
وَ3قَالَ الْحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ4 عَنْ قَوْلِ الأَشْعَرِيِّ: "لَمَّا كَانَ سَمْعُهُ بِلا انْخِرَاقٍ. وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلامُهُ بِلا حَرْفٍ وَلا صَوْتٍ" هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَلا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ سَمْعَهُ لَمَّا كَانَ بِلا انْخِرَاقٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلامُهُ بِلا لِسَانٍ وَشَفَتَيْنِ وَحَنَكٍ. وَأَيْضًا: لَوْ كَانَ الْكَلامُ مِنْ5 غَيْرِ حَرْفٍ، وَكَانَتْ الْحُرُوفُ عِبَارَةً عَنْهُ، لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُحْكَمَ لِتِلْكَ الْعِبَارَةِ بِحُكْمٍ، إمَّا أَنْ يَكُونَ أَحْدَثَهَا فِي صَدْرٍ أَوْ لَوْحٍ، أَوْ أَنْطَقَ بِهَا بَعْضَ عَبِيدِهِ فَتَكُونَ مَنْسُوبَةً إلَيْهِ. فَيَلْزَمَ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ: أَنْ يُفْصِحَ بِمَا عِنْدَهُ فِي6 السُّوَرِ وَالآيِ وَالْحُرُوفِ: أَهِيَ7 عِبَارَةُ جِبْرِيلَ أَوْ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ؟