وَكَذَلِكَ حُصُولُ الْمِلْكِ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ: حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَمُقْتَضِيهِ: كَوْنُ الْحَاجَةِ دَاعِيَةً إلَيْهِمَا1. وَصُورَتُهُ2: الإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِيهِمَا. وَشَرْطُهُ: مَا ذُكِرَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. وَمَحَلُّهُ: هُوَ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ وَالْمَرْأَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَأَهْلِيَّتُهُ: كَوْنُ الْعَاقِدِ صَحِيحَ الْعِبَارَةِ3 وَالتَّصَرُّفِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: لا فَرْقَ بَيْنَ الْمُقْتَضِي وَالشَّرْطِ وَالْمَحَلِّ وَالأَهْلِ، بَلْ الْعِلَّةُ الْمَجْمُوعُ، وَالأَهْلُ وَالْمَحَلُّ: وَصْفَانِ مِنْ أَوْصَافِهَا4.
وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي "شَرْحِهِ": "قُلْت: الأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هُمَا رُكْنَانِ مِنْ أَرْكَانِهَا، لأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمَا جُزْآنِ مِنْ أَجْزَائِهَا. وَرُكْنُ الشَّيْءِ هُوَ جُزْؤُهُ الدَّاخِلُ فِي حَقِيقَتِهِ".
وَبِالْجُمْلَةِ: فَهَذِهِ الأَشْيَاءُ الأَرْبَعَةُ مَجْمُوعُهَا يُسَمَّى عِلَّةً5.
- وَالْمَعْنَى الثَّانِي مِمَّا اُسْتُعِيرَتْ لَهُ الْعِلَّةُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْعَقْلِيِّ إلَى التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ: اسْتِعَارَتُهَا "لِمُقْتَضِيهِ" أَيْ مُقْتَضِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ الْمَعْنَى الطَّالِبُ لِلْحُكْمِ، "وَإِنْ تَخَلَّفَ" الْحُكْمُ عَنْ مُقْتَضِيهِ "لِمَانِعٍ" مِنْ الْحُكْمِ "أَوْ فَوَاتِ شَرْطِ" الْحُكْمِ6.
مِثَالُهُ: الْيَمِينُ. هِيَ الْمُقْتَضِيَةُ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَتُسَمَّى عِلَّةً لِلْحُكْمِ. وَإِنْ كَانَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِوُجُودِ أَمْرَيْنِ: الْحَلِفُ الَّذِي هُوَ الْيَمِينُ، وَالْحِنْثُ فِيهَا، لَكِنَّ الْحِنْثَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَالْحَلِفَ هُوَ السَّبَبُ الْمُقْتَضِي