هو نفس الشارح لا غيره.. ومن هنا انضم الشرح إلى المتن وانسجما وسارا في طريق واحد وعلى نسق واحدة وبروح واحدة، حتى إننا حذفنا الأقواس التي تميز الشرح عن متنه، لما شعرنا أنَّ هناك شرحاً ومتناً. كما هي عادة الشروح مع المتون ... ولجزمنا أنَّ الكتاب كله قطعة واحدة، نُسجت نسجاً دقيقاً، وأحْكمت إحكاما فائقاً، ولا يخفى ما في ذلك من دلالة على تمكن مؤلفه في العلم، وعلو شأنه فيه، وبراعته في التصنيف، وإطلاعه الواسع على أكثر الكتابات السابقة له في هذا الفن، واستفادته منها استفادة الناقد البصير الواعي.. وربما ساعده على بلوغ هذا المقام تأخر زمانه، حيث كانت العلوم ناضجة في عصره وقبل عصره، بالإضافة إلى ما وفقه الله إليه من العلم، وما منحه إياه من الفهم والتحقيق.
وهذا الكتاب الذي نذكره قد سبق إلى نشره الأول مرة الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى حيث قام بطبعه بمطبعة السنة المحمدية بالقاهرة سنة 1372هـ/ 1953م عن نسخة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية الأسبق رحمه الله تعالى، ولكن هذه النسخة كانت مخرومة خرماً كبيراً يبلغ ثلث الكتاب، فطبعت على حالها، ثم قُدِّرَ الشيخ الفقي أن يطلع على نسخة مخطوطة أخرى للكتاب في المكتبة الأزهرية بالقاهرة، فطبع القدر الناقص عنها، أكمل الكتاب، فجزاه الله كل خير.
وبعد الاطلاع على الطبعة المذكورة ودراستها تبين لنا أنها مشحونة بالأخطاء والتصحيفات والخروم في أكثر من خمسة آلاف موضع، مما يجعل الاستفادة منها وهي بهذه الحالة غير ممكنة.. لهذا كان لابد من تحقيق الكتاب تحقيقاً علمياً على أصوله المخطوطة، حيث إن تلك الطبعة لا تغني عن ذلك شيئاً.. وقد يظن بعض الناس أنَّ في كلامنا هذا شيئاً من المبالغة، ولكنهم لو قارنوا بين تلك الطبعة وبين طبعتنا، أو نظروا في هوامش كتابنا –حيث أشرنا فيها إلى فروق وخروم الطبعة الأولى- لعلموا مبلغ الدقة في هذا الكلام.
ومن طريف ما يذكر أن الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري قد اطلع على طبعة الشيخ الفقي كما اطلع على نسخة مخطوطة للكتاب وقعت تحت يده في مكتبة خاصة بخط عبد الحي بن عبد الرحيم الحنبلي الكرمي نسخت سنة 1137هـ، وكتب