وَحَيْثُ انْتَهَى الْكَلامُ عَلَى الدَّلِيلَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ وَالْمَعْقُولَيْنِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ التَّرْجِيحِ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ مَنْقُولاً وَالآخَرُ مَعْقُولاً، فَقَالَ "الْمَنْقُولُ وَالْقِيَاسُ".

فَإِذَا وُجِدَ تَعَارُضٌ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْقِيَاسِ1 - وَالْمُرَادُ بِالْمَنْقُولِ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ. فَإِنَّهُ "يُرَجَّحُ" مَنْقُولٌ "خَاصٌّ دَلَّ" عَلَى الْمَطْلُوبِ "بِنُطْقِهِ" لأَنَّ الْمَنْقُولَ أَصْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِيَاسِ؛ وَلأَنَّ مُقَدَّمَاتِهِ أَقَلُّ مِنْ مُقَدَّمَاتِ الْقِيَاسِ. فَيَكُونُ أَقَلَّ خَلَلاً2.

"وَإِلاَّ" أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِنُطْقِهِ، مَعَ كَوْنِ الْمَنْقُولِ خَاصًّا، فَلَهُ دَرَجَاتٌ، لأَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الْمَنْقُولِ الَّذِي دَلَّ عَلَى3 الْمَطْلُوبِ لا بِمَنْطُوقِهِ: قَدْ يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْحَاصِلِ مِنْ الْقِيَاسِ، وَقَدْ يَكُونُ مُسَاوِيًا لَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَضْعَفَ مِنْهُ، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "فَمِنْهُ ضَعِيفٌ، وَقَوِيٌّ، وَمُتَوَسِّطٌ، فَ4" يَكُونُ "التَّرْجِيحُ فِيهِ بِحَسَبِ مَا يَقَعُ لِلنَّاظِرِ" فَيُعْتَبَرُ الظَّنُّ الْحَاصِلُ مِنْ الْمَنْقُولِ، وَالظَّنُّ الْحَاصِلُ مِنْ الْقِيَاسِ، وَيُؤْخَذُ بِأَقْوَى الظَّنَّيْنِ5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015