"وَلا" تَرْجِيحَ1 أَيْضًا "فِي الْمَذَاهِبِ الْخَالِيَةِ عَنْ دَلِيلٍ"؛ لأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا هُوَ فِي الأَلْفَاظِ الْمَسْمُوعَةِ وَالْمَعَانِي الْمَعْقُولَةِ2.
وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْجَبَّارِ قَالَ: إنَّ التَّرْجِيحَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْمَذَاهِبِ بِحَيْثُ يُقَالُ مَثَلاً: مَذْهَبُ3 الشَّافِعِيِّ أَرْجَحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَقَدْ خَالَفَ عَبْدُ الْجَبَّارِ غَيْرَهُ.
وَحُجَّةُ عَبْدِ الْجَبَّارِ: أَنَّ الْمَذَاهِبَ آرَاءٌ، وَاعْتِقَادَاتٌ مُسْتَنِدَةٌ إلَى الأَدِلَّةِ، وَهِيَ تَتَفَاوَتُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَجَازَ دُخُولُ التَّرْجِيحِ فِيهَا كَالأَدِلَّةِ4.
وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ لِمَا قَالَهُ5 بِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَذَاهِبَ لِتَوَفُّرِ انْهِرَاعِ النَّاسِ إلَيْهَا6، وَتَعْوِيلِهِمْ عَلَيْهَا. صَارَتْ7 كَالشَّرَائِعِ وَالْمِلَلِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَلا