وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الأَلْفَاظَ كُلَّهَا مُشْتَقَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ1، وَابْنِ دُرُسْتَوَيْهِ2. وَغَيْرِهِمَا، حَتَّى قَالَ ابْنُ جِنِّي: "الاشْتِقَاقُ يَقَعُ فِي الْحُرُوفِ فَإِنَّ "نَعَمْ" حَرْفُ جَوَابٍ، وَالنِّعَمُ وَالنَّعِيمُ وَالنَّعْمَاءُ وَنَحْوُهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْهُ"3.
وَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ انْقِسَامُهُ إلَى أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ وَأَوْسَطَ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ: فَحَدُّ الأَصْغَرِ "رَدُّ لَفْظٍ إلَى آخَرَ" فَدَخَلَ الاسْمُ وَالْفِعْلُ "لِمُوَافَقَتِهِ" أَيْ الْمَرْدُودِ "لَهُ" أَيْ لِلْمَرْدُودِ إلَيْهِ "فِي الْحُرُوفِ الأَصْلِيَّةِ" سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْجُودَةً أَوْ مُقَدَّرَةً، لِيَدْخُلَ الأَمْرُ مِنْ نَحْوِ: الأَكْلِ وَالْخَوْفِ وَالْوِقَايَةِ "وَ" لِوُجُودِ4 "مُنَاسَبَتِهِ" أَيْ مُنَاسَبَةِ الْمُشْتَقِّ لِلْمُشْتَقِّ مِنْهُ "فِي الْمَعْنَى" احْتِرَازًا مِنْ مِثْلِ اللَّحْمِ وَالْمِلْحِ وَالْحِلْمِ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنْهَا5 يُوَافِقُ الآخَرَيْنِ6 فِي حُرُوفِهِ الأَصْلِيَّةِ. وَمَعَ ذَلِكَ فَلا اشْتِقَاقَ بَيْنهَا، لانْتِفَاءِ الْمُنَاسَبَةِ فِي الْمَعْنَى