الصَّالِحَ لِلتَّعْلِيلِ مِنْ غَيْرِهِ، فَكَانَ الأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: التَّقْسِيمُ وَالسَّبْرُ؛ لأَنَّ الْوَاوَ - وَإِنْ لَمْ تَدُلَّ عَلَى التَّرْتِيبِ - لَكِنَّ الْبُدَاءَةَ1 بِالْمُقَدَّمِ أَجْوَدُ.
وَأُجِيبُ عَنْهُ: بِأَنَّ السَّبْرَ - وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ التَّقْسِيمِ - فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ2 عَلَيْهِ3 أَيْضًا؛ لأَنَّهُ أَوَّلاً يَسْبُرُ الْمَحَلَّ، هَلْ فِيهِ أَوْصَافٌ أَمْ لا؟ ثُمَّ يُقَسِّمُ، ثُمَّ يَسْبُرُ ثَانِيًا، فَقُدِّمَ " السَّبْرُ " فِي اللَّفْظِ بِاعْتِبَارِ السَّبْرِ الأَوَّلِ.
وَأُجِيبُ أَيْضًا: بِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي مَعْرِفَةِ الْعِلِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ السَّبْرُ، وَأَمَّا التَّقْسِيمُ: فَإِنَّمَا هُوَ لاحْتِيَاجِ السَّبْرِ إلَى شَيْءٍ يُسْبَرُ.
وَرُبَّمَا سُمِّيَ بِ "التَّقْسِيمِ الْحَاصِرِ4"
"وَيَكْفِي الْمُنَاظِرَ" فِي بَيَانِ الْحَصْرِ إذَا مُنِعَ أَنْ يَقُولَ "بَحَثْت فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ" أَيْ غَيْرَ هَذَا الْوَصْفِ "أَوْ" أَنْ يَقُولَ "الأَصْلُ عَدَمُهُ" أَيْ عَدَمُ غَيْرِ هَذَا الْوَصْفِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لأَنَّهُ ثِقَةٌ5 أَهْلٌ لِلنَّظَرِ6؛ وَلأَنَّ الأَوْصَافَ الْعَقْلِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ لَوْ كَانَتْ لَمَا خَفِيَتْ