وَكَتَعْلِيلِ الْعَدَمِ بِهِ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اتِّفَاقًا، نَحْوَ: لَمْ أَفْعَلْ هَذَا لِعَدَمِ1 الدَّاعِي إلَيْهِ، وَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَى فُلانٍ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ؛ لأَنَّ نَفْيَ الْحُكْمِ لِنَفْيِ مُقْتَضِيهِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْيِهِ لِوُجُودِ مُنَافِيهِ؛ وَلأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيلُ ضَرْبِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ بِعَدَمِ امْتِثَالِهِ؛ وَلأَنَّ الْعِلَّةَ أَمَارَةٌ تُعَرِّفُ الْحُكْمَ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَدَمِيَّةً، كَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ وُجُودِيَّةً.

وَيَدْخُلُ فِي الْخِلافِ مَا إذَا كَانَ الْعَدَمُ لَيْسَ تَمَامَ الْعِلَّةِ، بَلْ جُزْءًا2 مِنْهَا، فَإِنَّ الْعَدَمِيَّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كُلاًّ أَوْ بَعْضًا3.

وَمِنْ جُمْلَةِ الْعَدَمِيِّ أَيْضًا: إذَا كَانَ الْوَصْفُ إضَافِيًّا، وَهُوَ مَا تَعَلَّقَ4 بِاعْتِبَارِ غَيْرِهِ، كَالْبُنُوَّةِ وَالأُبُوَّةِ، وَالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، وَالْمَعِيَّةِ5 وَالْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ عَدَمِيٌّ؛ لأَنَّ وُجُودَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الأَذْهَانِ، لا فِي الْخَارِجِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَدَمِيٌّ6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015