وَحُكْمٌ"1

وَالْمُرَادُ بِالأَرْكَانِ هُنَا: مَا لا يَتِمُّ الْقِيَاسُ إلاَّ بِهِ، فَتَكُونُ2 مَجَازًا؛ لأَنَّ أَرْكَانَ الشَّيْءِ حَقِيقَةً: هِيَ أَجْزَاؤُهُ الَّتِي يَتَأَلَّفُ مِنْهَا، كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلاةِ إلاَّ أَنْ يَعْنِيَ بِالْقِيَاسِ مَجْمُوعَ هَذِهِ الأُمُورِ الأَرْبَعَةِ مَعَ الْحَمْلِ3 تَغْلِيبًا فَتَصِيرُ الأَرْبَعَةُ شَطْرًا لِلْقِيَاسِ4.

وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ، فَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: هُوَ قَوْلُ مَنْ خَلَطَ الاجْتِهَادَ بِالْقِيَاسِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْقِيَاسَ نَوْعٌ مِنْ الاجْتِهَادِ وَاَلَّذِي لا يَحْتَاجُ إلَى أَصْلٍ: هُوَ مَا سِوَاهُ مِنْ أَنْوَاعِ الاجْتِهَادِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ: فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ أَصْلٍ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ رَاجِعٌ فِي الْحَقِيقَةِ إلَى الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ الْمَنْطِقِيِّ الْمُؤَلَّفِ مِنْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ؛ لأَنَّ قَوْلَنَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، فَكَانَ حَرَامًا كَالْخَمْرِ مُخْتَصَرٌ مِنْ قَوْلِنَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَلَيْسَ فِي الأَوَّلِ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّانِي، إلاَّ ذِكْرَ الأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَلَى جِهَةِ التَّنْظِيرِ بِهِ وَالتَّأَنُّسِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015