وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْحَنَفِيَّةِ قَالُوا1 لِمُنَاقَضَتِهِ الأَبَدِيَّةِ2، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى الْبَدَاءِ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ لا الدَّوَامُ، كَمَا تَقُولُ: لازِمْ غَرِيمَك أَبَدًا، وَإِنَّمَا تُرِيدُ لازِمْهُ إلَى وَقْتِ الْقَضَاءِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ هُنَا3 لا تَخْلُ بِهِ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ وَقْتُهُ.
وَكَمَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومٍ مُؤَكَّدٍ بِكُلٍّ وَيَمْنَعُ التَّأْبِيدَ عُرْفًا، وَبِالإِلْزَامِ4 بِتَخْصِيصِ5 عُمُومٍ مُؤَكَّدٍ، وَالْجَوَابُ وَاحِدٌ.
قَالُوا: إذَا كَانَ الْحُكْمُ لَوْ أُطْلِقَ الْخِطَابُ مُسْتَمِرًّا إلَى النَّسْخِ، فَمَا الْفَائِدَةُ فِي التَّقْيِيدِ بِالتَّأْبِيدِ؟
قُلْنَا: فَائِدَتُهُ التَّنْصِيصُ وَالتَّأْكِيدُ، وَأَيْضًا فَلَفْظُ6 "الأَبَدِ" إنَّمَا مَدْلُولُهُ الزَّمَانُ الْمُتَطَاوِلُ.
وَلا فَرْقَ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ بَيْنَ كَوْنِ الْجُمْلَةِ فِعْلِيَّةً، نَحْوَ صُومُوا أَبَدًا، أَوْ اسْمِيَّةً، نَحْوَ الصَّوْمُ وَاجِبٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا