وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ بَابِ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ صَارِفًا لَهُ عَنْ عُمُومِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَعَلُوا هُنَا1 السُّؤَالَ وَالْحَادِثَةَ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ الْقَوْلِ بِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْمَسْكُوتِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ فِي وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ صَارِفًا لَهُ عَنْ عُمُومِهِ عَلَى الأَرْجَحِ، بَلْ لَمْ يُجْرُوا هُنَا مَا أَجْرَوْهُ هُنَاكَ مِنْ الْخِلافِ فِي أَنَّ2 الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ3 السَّبَبِ؟
أُجِيبُ: بِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَمَّا ضَعُفَ عَنْ الْمَنْطُوقِ فِي الدَّلالَةِ انْدَفَعَ بِذَلِكَ وَنَحْوِهِ, وَقُوَّةُ اللَّفْظِ فِي الْعَامِّ تُخَالِفُ ذَلِكَ4، وَلِقُوَّةِ5 اللَّفْظِ فِي الْعَامِّ ادَّعَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ دَلالَتَهُ عَلَى كُلِّ فَرَدٍّ مِنْ أَفْرَادِهِ قَطْعِيَّةٌ.
وَمِنْ شَرْطِ الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَيْضًا: أَنْ لا يَكُونَ الْمَنْطُوقُ ذُكِرَ "لِزِيَادَةِ امْتِنَانٍ" عَلَى الْمَسْكُوتِ عَنْهُ6، نَحْوَ قَوْلِهِ -جَلَّ وَعَلا- {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ 7 لَحْمًا طَرِيًّا} 8 فَلا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقَدِيدِ مِنْ لَحْمِ مَا يُؤْكَلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ كَغَيْرِهِ9