أَيْ لَزِمَ الْمَعْنَى عَنْ اللَّفْظِ بِأَنَّ دَلَّ اللَّفْظُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ "فَغَيْرُهُ" أَيْ فَغَيْرُ صَرِيحٍ.
وَتُسَمَّى هَذِهِ الدَّلالَةُ: دَلالَةَ الْتِزَامٍ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ: اقْتِضَاءٍ وَإِشَارَةٍ، وَتَنْبِيهٍ وَيُسَمَّى التَّنْبِيهُ: إيمَاءً1.
لأَنَّ الْمَعْنَى إمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ مُتَضَمِّنًا لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِدْقُ اللَّفْظِ، أَوْ لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ2 عَقْلاً، أَوْ لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ3 شَرْعًا، أَوْ لا يَكُونُ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ.
فَالأَوَّلُ: وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَإِنْ قَصَدَ وَتَوَقَّفَ الصِّدْقُ عَلَيْهِ كَ" قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ" 4 فَإِنَّ ذَاتَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ لَمْ يَرْتَفِعَا، فَيَتَضَمَّنُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّدْقُ مِنْ الإِثْمِ أَوْ5 الْمُؤَاخَذَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "أَوْ الصِّحَّةُ عَقْلاً" أَيْ مَا يَتَضَمَّنُ6 مَا تَتَوَقَّفُ7 عَلَيْهِ الصِّحَّةُ8 عَقْلاً نَحْوُ9 قَوْله تَعَالَى: {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي 10 كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي