وَأَيْضًا فَالابْتِدَاءُ مُحْتَاجٌ1 إلَى رِضَى مَنْ يَبْتَدِيهَا وَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: فَارِقْ الْكُلَّ وَابْتُدِئَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شِئْت, فَيُضَيِّعُ قَوْلَهُ "اخْتَرْ أَرْبَعًا"؛ لأَنَّهُ قَدْ لا يَرْضَيْنَ2 أَوْ بَعْضُهُنَّ.
وَأَيْضًا الأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاؤُهُ, وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الأَصْلِ.
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: هَذَا الْحَدِيثُ لا تَأْوِيلَ فِيهِ وَلَوْ صَحَّ عِنْدِي لَقُلْت بِهِ.
"وَأَبْعَدُ مِنْهُ" أَيْ مِنْ التَّأْوِيلِ السَّابِقِ تَأْوِيلُهُمْ "قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَنْ3 أُخْتَيْنِ "اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا 4 شِئْت" عَلَى أَحَدِ الأَمْرَيْنِ"5 يَعْنِي عَلَى ابْتِدَاءِ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا، إنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ إمْسَاكِ الأُولَى مِنْهُمَا، إنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ6.
وَإِنَّمَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لأَنَّ النَّافِيَ لِلتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الأَوَّلِ: هُوَ الأَمْرُ الْخَارِجُ عَنْ اللَّفْظِ، وَهُوَ شَهَادَةُ الْحَالِ، وَهُنَا انْضَمَّ إلَى شَهَادَةِ الْحَالِ مَانِعٌ