أَحَدُهُمَا: أَنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ فَقَطْ. فَهَذَا هُوَ الْمُتَرَادِفُ تَرَادُفًا مَحْضًا. كَالْحِنْطَةِ وَالْبُرِّ وَالْقَمْحِ، [وَالاسْمُ وَالْكُنْيَةُ] 1 وَاللَّقَبُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ2 مَدْحٌ وَلا ذَمٌّ، وَإِنَّمَا أَتَى3 لِمُجَرَّدِ4 التَّعْرِيفِ.

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ تدُلَّ عَلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ بِاعْتِبَارِ تَبَايُنِ صِفَاتِهَا. كَأَسْمَاءِ الرَّبِّ، وَأَسْمَاءِ كَلامِهِ وَ [أَسْمَاءِ] 5 نَبِيِّهِ، وَأَسْمَاءِ الْيَوْمِ الآخِرِ، فَهَذَا النَّوْعُ مُتَرَادِفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الذَّاتِ، مُتَبَايِنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصِّفَاتِ.

فَالرَّبُّ وَالرَّحْمَنُ وَالْعَزِيزُ وَالْقَدِيرُ وَنَحْوُهَا تَدُلُّ عَلَى ذَاتٍ وَاحِدَةٍ بِاعْتِبَارِ صِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ. وَكَذَلِكَ: الْبَشِيرُ وَالنَّذِيرُ، وَالْحَاشِرُ وَالْعَاقِبُ وَنَحْوُهَا، وَكَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَيَوْمُ الْبَعْثِ وَيَوْمُ الْجَمْعِ وَيَوْمُ التَّغَابُنِ وَيَوْمُ الآزِفَةِ وَنَحْوُهَا. وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ وَالْفُرْقَانُ وَالْكِتَابُ وَالْهُدَى وَنَحْوُهَا، وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ السَّيْفِ. فَإِنَّ تَعَدُّدَهَا بِحَسَبِ "أَوْصَافِهَا، وَأَوْصَافُهَا"6 مُخْتَلِفَةٌ، كَالْمُهَنَّدِ وَالْعَضْبِ7 وَالصَّارِمِ وَنَحْوِهَا.

قَالَ: وَقَدْ أَنْكَرَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ التَّرَادُفَ فِي اللُّغَةِ، وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا هَذَا الْمَعْنَى، وَأَنَّهُ مَا مِنْ اسْمَيْنِ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ إلاَّ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي صِفَةٍ أَوْ نِسْبَةٍ أَوْ إضَافَةٍ. سَوَاءٌ عُلِمَتْ لَنَا أَوْ لَمْ تُعْلَمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015