كُلِّ فانٍ، لا رادَّ لحكمِهِ ولا صادَّ عن حتمِهِ، ولا ناقِضَ لما أَبْرَمَ، ولا مُغيّرَ لما أحكم، ولا مُبَدّلَ لما عَلِمَ وَلا مُزيلَ لِمَا قَسَمَ.
ويستحيلُ من الله تعالى كُلُّ ما هو مستحيلٌ حقيقةً في العَقْلِ مِمَّا لِلْعَقْلِ مَدْخَلٌ في علمِهِ ومجالٌ، فلا يوصفُ سبحانه بالقُدْرة على المُحالِ في حَقِّهِ كالكذبِ والظُّلْمِ ونحوهما، فلا يستحيلُ منه سبحانه وتعالى ما هو مستحيلٌ في العَقْلِ، وليس للعَقْلِ مدخلٌ في علمه، كإيجادِ الأَشياء من العَدَم، وعذابِ القَبْرِ ونعيمِهِ.
فيَجِبُ امتثالُ أَمْرِهِ سُبْحانَهُ، واجتنابُ نهيه الجازمين، ويُسَنُّ في غيرهما، ويلزمُ به الطَّاعةُ والخُضوعُ والإخلاصُ في الكُلِّ، ولا يستحقُّ المُطِيعُ على الله ثوابًا، ولا العاصي عِقَابًا بل يثيبُ الطائِعَ بفضلِهِ، ويُعَذِّبُ العاصي بعدله، وإذا عفا فبكرمِهِ وحلمِهِ، فلا نَقْطَعُ لطائعٍ بجنةٍ ولا لعاصٍ بنارٍ، لكن نرجو رحمة الله للطائِعِ، ونخافُ عذابه على العاصي، ونرجو له رحمتَهُ أيضًا.
وثوابُ المؤمنِ وعِقَابُ الكافِرِ دائمان شَرْعًا، ومَنْ عَمِلَ حَسَنَةً وسيِّئةً فله سبحانه أن يُثِيبَهُ على حسنتِهِ ويُعاقِبَهُ على سيئتِهِ، ولا يَجِبُ ذلك ففي الشَّخْصِ الواحدِ ثوابٌ وعقابٌ فالثَّوابِ في مقابل طاعته، والعقاب في مقابل معصيتهِ.