وإيَّاكَ والكَسْبَ الحرامَ فَقَدْ قيل: إذا كَسَبَ العَبْدُ خبيثًا وأرادَ أن يَأْكُلَ مِنْهُ وقال: بِسْمِ اللَّهِ، قال الشَّيطانُ: كلا إِنِّي كُنْتُ مَعَكَ حين كسبتَهُ فلا أُفارِقُكَ، إِنَّما أنا شَريكُكَ؛ فهو شريكُ كُلِّ كاسبِ حرامٍ.

قال الله تعالى: {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الإسراء: 64]، فالأَموالُ هي الأَموالُ الحرامِ، والأَولاد هي أولادُ الرنا، كذا ذُكِرَ في التَّفسير.

وقد رُوِيَ عن ابن مسعود عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "لا يَكْسِبُ العَبْدُ مالًا مِنَ الحَرامِ، وَيَتَصَّدَّقُ بهِ فَيُؤْجَرَ عليه، ولا يُنْفِقُ منه فَيُبَارَكَ له فيه، ولا يَتْرُكُه خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا كان زادَهُ إلى النَّارِ" (?).

في الجُمْلَةِ لا يمتنعُ مِنَ الحرامِ إلَّا من هو مُشْفِقٌ على لَحْمِهِ وَدَمِهِ، فدين المرءِ لحمُهُ وَدَمُهُ، فَلْيَجْتَنِب الحرامَ وأهلَهُ ولا يُجالِسْهُم، ولا يَأْكُلْ طعامَ من كسبُهُ حرامٌ، ولا يَذَر أحدًا على حرامٍ فيكونَ شريكَهُ، فالورعُ هو مِلاكُ الدَّينِ وقِوَامُ العِبَادَةِ واستكمالُ أمر الآخِرَةِ. انتهى كلامُ إِمامِ الأَئِمَّةِ، وسلطانِ الأَمَّةِ، شيخِ الإسلامِ وَرَحْمَةِ الأَنامِ، قُطْبِ العارفين، لِسَانِ المُوَحِّدِينَ، رُكنِ الشريعةِ، عَلَمِ الحقيقة (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015