وقال عليه السَّلام: "مَنْ طَلَبَ العِلْمَ فهو في سبيل الله حَتَّى يَرْجِعَ" (?) رواه أبو نُعَيْم.
تَنْبِيهُ: وليحذَرِ العَالِمُ غَايةَ الحَذَرِ من الوقوع في الذُّنُوبِ صَغَائِرِها وكَبائِرِها، فلا يُرَخِّصُ لِنَفْسِهِ في أَدْنَى شيء منها بل يَشُدُّ زِمَامَها ما أمكَنَهُ وإلَّا تُهْلِكُهُ وهو لا يَشْعُرُ، فإنَّ ذَنْبَهُ أَشَدُّ مِنْ ذَنْبِ الجَاهِلِ بكثيرٍ؛ لأَنَّه يفعلُهُ على بصيرةٍ وعِلْمٍ، ولأَنَّهُ يُقتَدى به. فكثيرًا ما تكونُ معصيتُهُ وسيلةً إلى معصيةِ غَيْرِهِ فيكونُ عليه وزرانِ: وِزْرُ معصيتِهِ، ومثلُ وِزْرِ من اقتدَى به.
فَيَجِبُ على العَالِمِ إذا حَدَّثَتْهُ نفسُهُ بالذَّنْبِ أن يخافَ هذه العاقِبَةَ، ويجتهدَ على مَنْعِها منه؛ لأَنَّه لو لم يكن فيه إلَّا هذا المَحْذُورُ العَظِيمُ لكانَ الواجِبُ عليه كَفَّها عنه بأي وجهٍ أمكنَ، وألا يكونَ عاصيًا ومُتَسَبِّبًا لمعصيةِ المَلِكِ الجَليلِ. قال الإمامُ أحمد: العَالِمُ يُقْتَدى بِهِ، لَيْسَ العَالِمُ مِثلَ الجَاهِلِ. ومعناه لابن المبارك وغيره.
وقال الفضيل بن عياض: يُغْفَرُ لسبعينَ جاهِلًا قَبْلَ أن يُغْفَرَ لِعالِمٍ واحدٍ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أَشَدُّ النَّاسِ عَذابًا يوم القيامة عَالِمٌ لم يَنْفَعْهُ اللهُ بِعِلْمِهِ، فَذَنْبُهُ مِنْ جِنْسِ ذَنْبِ اليَهُودِ.