والدَّفْنُ في صَحْراءَ أَفْضَلُ إلَّا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واخْتَار صَاحِبَاه الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا، ولم يُزَدْ؛ لأَن الخَرْقَ يَتَّسِعُ والمَكانُ ضَيِّقٌ، وجاءتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ على دَفْنِهم كَمَا وَقَعَ.
ومن وصَّى بدفنِهِ بدارٍ أو أَرْضٍ بِمُلْكِهِ دُفِنَ مع المسلمين، وَمَن سَبَقَ إلى مسبلةٍ قُدِّمَ، وإن جاءَ اثنانِ معًا أُقْرعَ.
وَلا بَأْسَ بِنَقْلِ المَيِّتِ إلى مكانٍ آخرَ بَعيدٍ لِغَرَضٍ صَحيح، كَبُقْعَةٍ شَرِيفَةٍ، ومُجَاوَرَةِ صَالحٍ، مع أَمْنِ التَّغَيُّر، إلَّا الشَّهِيدَ حَتَّى لو نُقِلَ رُدَّ إليه. ويجوز نبشه لتحسين كفنه وإفراده عمن دفن معه.
وَيُسَنُّ جَمْعُ الأَقارِبِ في البِقَاعِ الشَّرِيفَةِ، وما كَثُرَ فيه الصَّالِحُون. ويَحْرُمُ قَطْعُ شيءٍ من أطرافِهِ وإتلافُه وإحراقُهُ ولو أَوْصى بِهِ، ولا ضَمَانَ فيه، ولِوَليِّهِ المحاماةُ عنه.
وإن آلَ إلى إتلافِ الطَّالِب فلا ضمان، وإن دُفِنَ بلا غُسْلٍ مع الإِمكانِ أو بلا كَفَنٍ أو صلاةٍ أو إلى غيرِ القِبْلَةِ، لَزِمَ نَبْشُهُ لِذَلِكَ.
وَيَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ في قَبْرٍ واحِدٍ، إلَّا لضَرُورَةٍ أو حَاجَةٍ، ويُسَنُّ الحَجْزُ بينهما بِتُرابٍ، وأن يُقَدَّمَ إلى القِبْلَةِ من يُقَدَّمُ إلى الإِمامِ في الصَّلاةِ.
وإذا صَارَ رَمِيمًا جَازَتِ الزِّراعةُ وحرثُهُ وغير ذلك مَا لم يُخَالِف شَرْطَ واقفِهِ.