الفصل الأول

الأمور التي تدل على أن القرآن الكريم كلام الله تعالى ورفع شبهات القسيسين على القرآن الكريم الأمر الأول: أن القرآن الكريم في الدرجة العالية من البلاغة التي لم يعهد مثلها في كلام العرب، وتقاصرت عنها درجات بلاغتهم، والبلاغة هي التعبير باللفظ المعجب عن المعنى المناسب للمقام الذي أورد فيه الكلام بلا زيادة أو نقصان في البيان، وتدل على كونه في الدرجة العالية من البلاغة بضعة أوجه:

الوجه الأول: أن فصاحة العرب والعجم سواء كانوا شعراء أو كتاب أكثرها في وصف ما يشاهدون، كوصف بعير أو فرس أو جارية أو ملك أو طعنة أو غارة أو حرب، ودائرة البلاغة في مثل هذه الأشياء متسعة جدا، لأن طبائع أكثر الناس تميل إليها، وقد يظهر من الشاعر أو الكاتب مضمون جديد ونكتة لطيفة، ويكون المتأخر المتتبع واقفا على تدقيقات المتقدم غالبا، والقرآن الكريم ليس في بيان خصوص هذه الأشياء، ومع ذلك فيه من الفصاحة والبلاغة ما لم تعهده العرب في كلامهم.

الوجه الثاني: أن فصاحة العرب في شتى الأغراض والموضوعات لم تخل من الكذب حتى قيل: أحسن الشعر أكذبه، أما القرآن الكريم فجاء في غاية الفصاحة مع الصدق في جميعه، والتنزه عن الكذب.

الوجه الثالث: أن الشاعر قد ينسب للفصاحة لبيت أو بيتين في قصيدة له، وباقيها لا يكون كذلك، أما القرآن الكريم فجاء كله في غاية الفصاحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015