-نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء على كلثوم بن هرم (?) شيخ بني عمرو بن عوف وهم بطن من الأوس. وقباء قرية على ميلين من جنوب المدينة وهي خصبة بها حدائق من أعناب ونخيل وتين ورمان وأقام بها رسول الله يوم الأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجد قباء وهو الذي أسس على التقوى من أول يوم ونزل أبو بكر رضي الله عنه على حبيب بن أساف بالسنح (?) ثم قدم عليّ رضي الله عنه ومعه الفواطم وأم أيمن وولدها أيمن وجماعة من ضعفاء المؤمنين ولما وصل نزل على كلثوم بن الهرم اقتداء النبي صلى الله عليه وسلم وكان عليّ رضي الله عنه في طريقه يسير الليل ويكمن النهار ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يريد المدينة وأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي ببطن الوادي بمن معه من المسلمين وكانوا مائة وهي أول جمعة صلاها بالمدينة وأول خطبة خطبها في الإسلام ثم ركب راحلته يريد المدينة وأرخى زمامها فاكان لا يمر بدار من دور الأنصار الا قالوا هلم يا رسول الله إلى العدد والعدة والمنعة ويعترضون ناقته فيقول خلوا سبيلها فإنها مأمورة حتى بركت عند موضع مسجده اليوم وكان يربداً للتمر (?) لغلامين يتيمين وهما سهل وسُهيل ابنا عمرو من بني النجار فلما بركت لم ينزل عنها ثم وثبت فسارت غير بعيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع لها زمامها لا يثنيها به فالتفتت خلفها ثم رجعت إلى مبركها الأول فبركت فيه ووضعت جرانها فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتمل أبو أيوب الأنصاري (?) رحل ناقته إلى بيته ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً فقالا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل منهما هبة حتى أتباعه منهما ثم بناه مسجداً وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن (الطوب النئ) في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن

هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر (?)

ويقول:

إن الأجر أجر الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجره

ثم وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود وكتب بينه وبينهم كتاب صلح وموادعة وسنأتي على نص الكتاب فيما بعد.

وقبل أن يتم رسول الله بناء مسجده مات سعد بن زرارة بالذبحة والشهقة وكان نقيباً لبني النجار فطلبوا إقامة نقيب مكانه فقال أنا نقيبكم ولم يخص منهم أحداً دون آخر فكانت من مناقبهم.

فرح أهل المدينة بقدم النبي صلى الله عليه وسلم فرحاً شديداً وصعدت ذوات الخدور على الأسطحة. وعن عائشة رضي الله عنها، لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جلس النساء والصبيان والولائد يقلن جهراً:

طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع

أيها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع

قال ابن عباس إبن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين واستنبئ يوم الأثنين ورفع الحجر الأسود يوم الأثنين وقبض يوم الأثنين وإبتدأ التاريخ في الإسلام من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وأول من أرخ بالهجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة سبع عشر من الهجرة إلا أن التاريخ الهجري يبدأ قبل الهجرة بشهرين وذلك أنهم جعلوا مبدأ التاريخ المحرم من تلك السنة والنبي صلى الله عليه وسلم بعد بمكة ثم كانت الهجرة بعد ذلك في ربيع الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015