زمام الحكم في يده لملك، ولكنه مازال متنحيا عن هذه المسئوليات كلها. والأمير محمد بن سعود وخلفه الأمير عبد العزيز ما كانا يحركان ساكنا إلا برأي من الشيخ وإشارة، ولا يريدان هذا. وكل أموال الغنائم كانت تلقى تحت أقدام الشيخ، ولكن هذا الرجل الصالح لم ينشغل بها عن مهمته الأصلية.
فلم يزل يعمل عمله، وكان يتدخل في أمور الدولة عندما كانت الحاجة تقتضي ذلك، ومن حين أحس أن الدعوة قد قويت وتأصلت أبعد نفسه عن إدارة الحكومة وأموال الغنائم، وكان من نتائج هذا الزهد أن أولاده أيضا مازالوا يشتغلون بخدمة الدين بعيدين عن الجاه الدنيوي إلى يومنا هذا. وقد مرت مائة وخمسون عاما ولكن لم يحدث أن خاصم أولاده آل سعود في التاج والعرش في يوم من الأيام.
أولاده وأحفاده:
لقد جاوز تلامذة الشيخ المستفيدون من دروسه ووعظه كل حد وحصر، حيث إنه لا يمكن لنا إحصاؤهم. وماذا ترى في كثرة وعموم تلك الأثمار اليانعة التي اجتنتها قوافل الناس المتتابعة طوال خمسين عاما أو أكثر!! وإذا حاولنا أن نقتصر على ذكر تلامذته فقط تعوقنا قلة التراجم والسير، ولذلك نكتفي من تلامذته بذكر أولاده وأحفاده فقط الذين يلقبون الآن- بحق- بآل الشيخ وهذا هو نسبهم.
لقد كان الشيخ سعيدا حظيظا حيث ترك وراءه خلفاء يتبعون سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويشتغلون في تدريسها والدعوة إليها حسب منهجه، وأروع من هذا وأسر أن هذه السلسلة لم تنقطع إلى يومنا هذا، ففي هذه الآونة أيضا يفوق أولاده في العلم والعمل في جميع بلاد نجد.
كان الشيخ كثير العيال، وتوفى بعض أولاده في حياته ولكنه ترك عند فاته أربعة أولاد: حسين، عبد الله، علي، إبراهيم1.