يقرّ له بالفضل كلّ منازعٍ ... إذا قيل يوم الفخر هل من مفاخرٍ1

/ [151 / أ] .

ما زال الإسلام قرير العين، لما كان مفتوح العين، شمل الكلّ برّه وإحسانه، وقلا: "والله لئن بقيت ليأتين الراعي بجبل صنعاء حَظَّهُ من هذا المال، وهو يرعى مكانه". خاف التقصير فجد واصطبر، وقال: "لو مات جَدْيٌ بالفرات خشيت أن يحاسب به عمر". وكان من شدّة التشمير يرى فيه عمله القلة، فكان يقول عند موته: "الويل لعمر إن لم يغفر له".

شعر:

متيقظُ العَزماتِ مُذ نهضت به ... عزماتُه نحو العُلَى لم يقعدِ

ويكاد من نور البصير أن يرى ... في يومِه فعلَ العواقب في غدِ2

صايح الوفد في القوم جهراً: ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر، كأن أقدامه في الدّجى قائمة، وعينه ساهرة لا نائمة وهمته على الطاعة عازمة، هذه أفعل النفوس الحازمة، طالما غسل وجهه بالدموع، وأذلّ نفسه بالخشوع والخضوع، وأذاب نفسه ومهجته بالظما والجوع، خاطر بنفسه في المهالك، فأصبحت سالمة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] ، يا لها من نفس أذعنت وذلّت، وألفت السجود فما ملت وتوجهت إلى الله وعن غيره تولت، وزالت عنها فترة الهجر وتجلت، فجلت، فأُدخلت دار الكرامة فحلّت غانمة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] ، سهرت الليل إلى الصباح فصارت من الوجوه الصباح، وقنعت بالخبر الفقار والماء القراح، خافت من الاجتراح الجناح،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015