البصرة قام إليه ابن الكواء1، وقيس بن عُباد2، فقالا له: "ألا تخبرنا عن مسير كهذا الذي سرت فيه تتولى على الأمة؟ تضرب بعضهم ببعض، أعهدٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدّثنا فأنت الموثوق والمأمون على ما سقت". فقال: "أما أن3 يكون عندي من النبي صلى الله عليه وسلم عهدٌ في ذلك فلا والله، إن كنت أوّل من صدق به، فلا أكون أوّل من كذب عليه، ولو كان عندي من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك عهد ما تركت أخا بني تيم بن مرة4، وعمر بن الخطاب يقومان على منبره، ولقاتلتهما بيدي، ولو لم أجد إلا بردي هذا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُقتل قتلاً، ولم يمت فجاءة، مكث في مرضه أياماً وليالي، وهو يرى المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فيأمر أبا بكر فيصلّي بالناس، وهو يرى مكاني، ولقد أرادت امرأة من نسائه أن تصرفه عن أبي بكر فأبى5 وغضب، وقال: "أنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر يصلي بالناس".
فلما قبض الله نبيّه نظرنا في أمورنا، فاخترنا لدنيانا من رضيه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا، وكانت الصلاة أصل الإسلام وقوام / [125 / ب] الدين، فبايعنا أبا بكر فكان لذلك أهلاً، لم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم نقطع منه البراءة، فأديت إلى أبي بكر حقّه وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جنوده، وكنت آخُذُ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني،